من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

وبالديمقراطية هم يكفرون


 نحن نقبل الديمقراطية طالما كافأتنا، فإن واجهنا من عنده ميزة تنافسية انقلبنا على أعقابنا، مقولة لا أملّ من تكرارها طالما ظلت النخبة القابضة على منابر الإعلام والمتصدرة للمشهد على دأبها من إقصاء الإخوان والسلفيين، أو التيار الإسلام السياسي عموما.

لوضع الأمور في نصابها فإنني لا أدعي أن الميزة التنافسية لدي تيار الإسلام السياسي تكمن في خبراتهم السياسية ولا سابقة أعمالهم، لأنه ببساطة لم يتح النظام السابق طوال عقود أي فرص للمشاركة لأي فصيل بما يسمح باختبار الأفكار والبرامج التي يطرحها، وسقف ما أتيح لهم هو بعض المناوشات التي لم تختبرا لنعلم إن كانت معارضة حقيقية مبنية على حلول مدروسة أم معارضة من قبل التنظير المرسل، أم معارضة مهجنة لدواعي استكمال الصورة الديمقراطية، ويستوي في ذلك التيار الإسلامي وغيره من التيارات السياسية على اختلاف مشاربها. ولذلك فإنني أقر أن الميزة التنافسية التي لدى التيار الإسلامي هي القبول الفطري لدى الشعب لكل ما له صلة بالدين، أصيلا كان أو دخيلا، أضف إليه الممارسات التي يأتي بها بعض من ينتمون للإسلام السياسي، من قبيل الترغيب والترهيب لأجل اختيارهم والبعد عمن سواهم، والتي تعتبر محفزات لأغلب الشعب كي ينتقل من درجة القبول الفطري إلى منطقة الجنوح الإرادي.

بالرغم من إنكاري لهكذا ممارسات إلا أنني أتفهم دوافعها لدى التيار الإسلامي، الذي عانى ومايزال من اتفاق أولي الأمر والنخب التي تحتكر وسائل الإعلام، على إقصائه وتشويه صورته، فقد ظلوا يخوفوننا من الفاشية الدينية، واستبداد الأصولية الإسلامية، بلا أدلة ولا سابق تجربة، بل قياسا على تجارب بلاد أخرى، لا تحكمنا ظروفها، ولأن الظروف الحالية أتاحت للتيار الإسلامي -مثلما تتيح لغيره- الظهور والتعبير والتواصل والتأثير، فقد تحولت الاتهامات والهجمات إلى كفر بواح بالديمقراطية، لأن النخب الممسكة ببوق الإعلام أنكرت حق غيرها في الإعلان عن نفسه،وأنكرت على أولي الأمر إتاحة الفرصة على التيار الإسلامي أن يدلي بدلوه في بحر السياسة.

تحضرني هنا عدة مشاهد تدلل على ما أقول، فقد آذى هؤلاء أسماعنا بصراخهم أن الدستور يجب أن يوضع توافقيا وأن يكون لكل جماعة في الشعب -أقلية كانت أم أكثرية- من يمثلها في اللجنة التأسيسية المنوط بها وضع الدستور، ناهيك عن أن هذا الطرح مخالف لخلاصة تجارب دول سبقتنا في وضع دساتيرها، فهو أيضا يخالف ما اعترضت عليه النخب من إسناد مهمة التعديلات الدستورية للجنة بها إسلامي مشتبه -المستشار البشري- وآخر متهم -الإخواني صبحي صالح-، ولا أعلم ما الفرق بين مطالبتهم بحق كل تيار أن يكون ممثلا ولو كان فردا واحدا، وبين تمثيل الإخوان -وهم أكبر جماعة أو تيار مصري-. ثم كيف يكون إسناد مهمة وضع الدستور للجنة معينة هو أكثر ديمقراطية وأصدق تعبيرا عن رأي الشعب من قيام لجنة منتخبة من الشعب بهذه المهمة! أوليس حكم الشعب من الديمقراطية! وفي الوقت الذي ما انفكوا يتهمون التيار الإسلامي بعقد صفقات سرية مع مجلس العسكر، نرى مقترحات (تتويج) العسكر تأتي من التيارات التي تردد هذا الاتهام، وما مقترح البسطاويسي ووثيقة السلمي بغائبين عن هذا المشهد.

يقول الأستاذ الكبير فهمي هويدي في مقاله (مصر في مرآة الوقت) أن غلاة العلمانيين و«الليبراليين» اعتبروا إقصاء التيار الإسلامي أمرا مفروغا منه في فهمهم للديمقراطية، ولذلك فإن تهمة التواطؤ مع المجلس العسكري ظلت سيفا مشهرا في وجهه، رغم إن الدليل الوحيد على ذلك «التواطؤ» أن المجلس العسكري سمح للإسلاميين بتشكيل أحزاب لهم ورفع الحظر عنهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم من السياسيين لذلك فلا تفسير لاستمرار الحملة إلا أنها بمثابة احتجاج على العدول عن نهج إقصائهم المعمول به منذ نحو نصف قرن، بما يعني أن شرعية وجودهم هي المشكلة التي لا تزال تؤرق جماعات الليبراليين والعلمانيين، إلى هنا ينتهي كلام هويدي، وأقول أن نهج الانتقائية في تطبيق الديمقراطية، سواء في اختيار بعض أسسها والكفر بالبعض الآخر، أو اختيار من تطبق عليهم الديقراطية ومن يقصون منها، هذا النهج هو ديمقراطية (تأييف) تذكرني بسمير غانم في مسرحية (المتزوجون)، (اللي جه يلم البنطلون قامت الجاكته ضربت)، وهؤلاء ما أبقوا على الديمقراطية كما هي، ولا صارت (لايقة) عليهم.

هناك تعليق واحد:

محمد عبد الغفار يقول...

ديمقراطيتهم نابعه من ذاتهم