من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الأربعاء، 11 يناير 2012

عن لحظات التوحد


يقترب الخامس والعشرون من يناير بخطوات ثابتة، يطلبني حثيثا، لو أن الظروف اختلفت لصرت أنا من يطلبه، وهو يتفلّت من يدي، لو أن الثورة اكتملت لكان لنا شأن آخر، لو أننا ما ارتكبنا أخطاءنا الساذجة، لو أن العسكر انتصروا لشرف البدلة عوضا عن تدنيسه حين راودتهم الكراسي، قدر الله وماشاء فعل.

اتذكر لحظات فارقة مرت بي طوال العام السابق، قراءتي لشهادة عمرو سلامة عما حدث له يوم 25/1/2011 أول مرة فأبدأ الاهتمام، قراءته مرة أخرى لعائلتي بصوت عال فيبدأ الاندماج، أصبح متوحدا مع هم البلد، كأنما حبل سُري امتد بيننا بعد أن عشت ملفوظا لا تحن علي ولا ترضى ببِرِّي لها، بل تدلل لقطاء لم يرحموها يوما.

علمي بهروب بن علي، متابعتي لمناورات المخلوع بتكليف شفيق، خوفي لموقعة الجمل، حزني لرفض سفري بعدها، قلقي على أصدقائي الذين أكلمهم وهم في الميدان، سهري يوميا لمتابعة الأحداث، ترقبي لسقوط الطاغية، فقداني القدرة على التعبير يوم خطاب التنحي بغير (ياه...ياه)، نزولي للاحتفال على شارع الخليج وكل الكويت تفخر بنا، بدئي الكتابة، سفري لمصر في نهاية أبريل بقلب يرى نفس الوجوه والبيوت والشوارع بشكل آخر، صدمتي في الجيش لأول فض اعتصام بالقوة، رغبتي في الانتقال السريع للسلطة، فقداني الثقة في الجيش مع استمرار الاعتداءات والتخبط، مطالبتي بحق المغتربين في المشاركة السياسية، اعجابي بمواقف الأبطال، اندفاعي للرد على كل من ينال من أي مصري، فرحي متوجسا لمحاكمة المخلوع، سفري مرة أخرى لحضور انتخابات النقابة بعد أن صارت المشاركة فرضا، إيقاني باستحالة استمرار العسكر بعد دماء ماسبيرو، سبي لكل من تخاذل عن النزول في محمد محمود، إحساسي بضآلة الكلام أمام عيون مالك وحرارة اللاتي ذهبن، تكرر وجعي في مجلس الوزراء، حنقي على المخلوع كلما اضطررت لسماع هراء مشوهي الإدراك من ابنائه ومريديه.

كلها لحظات فارقة، تلفني بمشاعر متناقضة، ولكنها دوما عنيفة، الرعشة التي تسري في جسدي، الدموع التي تنسكب ساخنة بلا توقف، الغصة التي تمنعني من استكمال قراءة ما كتب عن الشهداء والمصابين أمام والدتي، فوران الدم رغبة في استكمال التغيير الجذري، اختلاج القلب عند رؤية الأبطال يتساقطون قتلى وجرحى، كلها مشاعر تذكرني أنني ولدت من جديد، وقد توحدت مع هم البلد، وأحداث البلد، وأبناء البلد، وانفصلت عن حياتي الشخصية، وأحلامي الشخصية، ورغباتي الشخصية، رغبتي في الحياة أصبحت بقدر فائدتي للبلد، وترحيبي بالموت اصبح بقدر اقتناعي بالثورة، يقترب الخامس والعشرون من يناير بخطوات ثابتة، يكبلني بذكريات أغلبها ثقيلة، يقهر قدرتي على التفكير في غيره، وينهى خيالي الخصب عن توقع أحداثه.

اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أنت أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، أنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أو إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولكن عافيتك لي أوسع ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي سخطك ، أو يحل علي غضبك ، لك العتبى حتى ترضى ، لا حول ولا قوة إلا بك.

ليست هناك تعليقات: