من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الجمعة، 13 يناير 2012

في توصيف القوم الآسفين



كنت قد كتبت مقالين في الرد على لميس جابر وأمثالها وهما (فهل أنتم منتهون؟!) و(أحفاد أعرض عن هذا!)، وقد تزامن ذلك مع إضافتي لأحد مجموعات (إحنا آسفين يا ريس) بواسطة أحد الأصدقاء، فوجدتها فرصة لكي أرى طريقة تفكيرهم واتجاه آرائهم عن قرب، خاصة وأنني خلصت في المقالين السالفين إلى أن أحد أكثر جرائم المخلوع سوءا وتدميرا هو تشويه الإدراك لدى الناس، ولا مجال هنا لإعادة ما كتبت، ولكنني أزعم أن تشخيصي لسبب الاعتلال لدى هؤلاء واستخدامي للفظ الإدراك المشوه هو اجتهاد شخصي لم اعتمد فيه على علم موثق مبني على الأدلة والبراهين، غير أن حرصي على اتباع العلم واحترامه جعلني ابحث عما يدعم تشخيصي، وهو ما أوصلني لفيديو للدكتورة منال عمر يصنف نمو التكوين المعرفي والأخلاقي لدى الناس، وآخر يحلل أسباب مهاجمة البعض للضحية عوضا عن الدفاع عنها ونقد الجاني، وأحمد الله أن ما خلصت إليه كان له أساس علمي موثق.

تقول الدكتورة منال عمر أن جماعة (إحنا آسفين يا ريس) تعاني من تدهور في التكوين المعرفي لدرجة السذاجة المعرفية، فهم يؤمنون أن من قام بفعل حسن فذلك يجعله رجلا جيدا إجمالا، كما أنهم يثقون في المؤسسة العسكرية رغم انتفاء مسببي الثقة وهما التكامل (واضحة المعالم) وامكانية توقع أفعالها، وأن تدهور التكوين المعرفي الذي يعانون منه أدى لتدهور النمو الأخلاقي لديهم، فهم يحتلون قاع سلم النمو الأخلاقي حيث الامتناع عن ارتكاب الخطأ بسبب الخوف من العقاب فقط (هنا يقع المخلوع وأصحابه) أو فعل الصواب بسبب الرغبة في الحصول على المكافأة (بقية الأشخاص الذين يربطون الحصول على بعض الحقوق الأساسية بالتنازل عن بعضها الآخر).




أرغب هنا في ذكر مجموعة من الخصائص التي توصِّف جماعة (إحنا آسفين يا ريس) بناء على ما ذكرته الدكتورة منال عمر:

  • ضعف الحجة والقدرة على الانتقاد الموضوعي:
هذه أول الخصائص التي تراها واضحة في ردودهم، فهم لا يبرحون منطقتي النيل من الكاتب (سب الكاتب أو قذفه بألفاظ مثل: أنت جاهل أو أحمق) والتعريض بالكاتب (مهاجمة الكاتب أو التشكيك في نيته أو أهليته بدون التطرق لما كتب)، وكل ردودهم اشتملت إما على التكفير أو التخوين أو القذف أو الاتهام بالجهل.




  • ضعف القدرة على التفكير المركب:
فهم يلجأون للتنميط والتعميم تفاديا للحاجة إلى تشريح الأفكار والمواقف، وهو ما يلزم لقبول رأي من تبغضه لشخصه إن كان أكثر منطقية وصحة، كما يلزم للتحالف مع من يخالفك إذا ما اتحدت الغايات، والانفصال عنه فيما عدا ذلك، فلا يوجد قرار صحيح مطلق ولا قرار خطأ مطلق، حيث أن ثنائية الأبعاد تناسب رسوم الكارتون، أما الحقيقة ففيها أكثر من الأبعاد الثلاثية، ولذلك تجدهم لا يفرقون بين جائزة من منظمة أمريكية غير حكومية وبين موقف الحكومة الأمريكية تجاه موضوع ما، ففي النهاية كله (أمريكا).

  • اللامنطقية وعدم ترابط الأفكار:
حيث أن غالبية ردودهم لا توجه نحو الفكرة الأساسية المطروحة، وتلك التي تبدأ بصلة ما تنتهي بعيدا عن الطرح الأساسي، كأن أضع فيديو للشيخ محمد عبد المقصود واصفا المخلوع بالمجرم فترى الرد (تفتكر إنت رأى الشيخ عبد المقصود ممكن يكون آيه فى البرادعى العلمانى اللى كان معترض على وجود المادة التانية من الدستور والخاصة بالشريعة الإسلامية واللى حافظ على وجودها مبارك طوال عهده)، كما أن كثيرا من ردودهم تتعارض مع الفكرة الأساسية التي يروجون لها، فقد انتقدت إحداهم قولي أن الشرطة والعسكر يتحملون إثم مساندة المخلوع وطغيانه مستدلا بقول الله (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)، وقالت ( حسبى الله ونعم الوكيل فيك انت مش من حقك تنصب نفسك فى مكان ربنا وتحكم على حد وتساوى فى التصنيف يا بنى ادم انت انتوا ايه كفره الله ينتقم منكم)! فقد رفضت استدلالي على تأثيم الجنود لعظم هذا الأمر بينما أباحت لنفسها اتهامي بالكفر!

  • فساد الاستدلال :
وذلك بسبب عدم انطباق الواقعة المستدل بها على الواقعة المستدل عليها، كمن يقول (اما مظهر شاهين غير مسئول عن الي حصل في جامع عمر مكرم يبقي الرئيس مبارك غير مسئول عن الي حصل في ميدان التحرير ولا ايه)، أو فساد الاستدلال لعدم صحة الدليل بسبب عدم معرفة درجات مصداقية الدليل أو التفريق بين الخبر والرأي، كمن ينقل لك خبرا من مدونة مجهولة في معرض رده على خبر موثق من مصدر حكومي كالموازنة العامة لمصر الصادرة عن وزارة المالية، أو فساد الاستدلال لعدم اختيار مصدر مقبول عند من تحاججه، فلا يصح الاستدلال برأي صادر ممن ضد الثورة في الرد على من هم مع الثورة.

ويلحق بفساد الاستدلال الانتقائية في اختيار الأدلة، فتجد من يستدل بوثائق ويكيليكس التي تدعم رأيه الخاص بعمالة بعض الأفراد والتنظيمات، بينما يرفض كل وثائق ويكيليكس الأخرى التي تبرأ البرادعي أو تتهم المخلوع بمساندة إسرائيل والتجارة في السلاح وعلمه بالتعذيب وذلك بدعوى أن ويكيليكس غير موثقة! كما يلحق بفساد الاستدلال الاكتفاء بإبداء القناعة الشخصية باعتبارها دليلا يرد على ما تم الاستدلال به، فقد وضعت تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي يوثق فساد آخر حكومة في عصر المخلوع بالأرقام، فكان رد أحدهم أن انجازات مبارك لا تعد ولا تحصى! أو أن ترى من يصر على تلقي 6 إبريل تمويلا خارجيا رغم صدور تقرير وزارة العدل المصرية بخصوص التحقق من تمويل المنظمات في مصر، والذي نشر في الأهرام الإنجليزية وتم تبرئة 6 إبريل فيه.
  • الاستسهال والبعد عن التدقيق:
فلم أجد أحدا منهم يقرأ مقالا أو تقريرا طويلا أو يشاهد تسجيلا طويلا تم وضعه قبل الرد عليه، فالردود تكون على العنوان الموضوع أو التعليق المصاحب، آية ذلك أنني أعمد دوما لأخذ جزء من المقال أو الخبر المرفوع وأضعه تعليقا عليه، ورغم أن الخبر صادر عن القوات المسلحة مثلا إلا أنهم يعتبرون الجزء الموضوع رأيي الشخصي، لأنه يعارض ما يؤمنون به، ولا يكلف أحدهم نفسه جهد قراءة الخبر للتأكد أن ما وضع تعليقا عليه إنما هو جزء مقتبس من متن الخبر.

وكذلك لم يقرأوا جميع التقارير والأبحاث التي تتحدث عن الضوابط الشرعية والإنسانية للدفاع عن النفس ودفع الصائل، أو تفريق المظاهرات.

يقول الإمام الشافعي في السفر خمس فوائد: تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحــــــــبة ماجد، وأنا أقول في مخالطة جماعة (إحنا آسفين يا ريس) فوائد جمة، قد تماثل فوائد السفر أو تفوقها، ففيها احتساب حسنات وتكفير ذنوب بالصبر على سبهم وقذفهم، وفيها إدراك لنعمة الله على الإنسان أن فضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وفيها اكتساب سعة الصدر والترفع عن السفاسف، وفيها معرفة أن الاختلاف في التفاصيل مع من يدعم الثورة أهون بكثير من الحاصل مع هؤلاء الجماعة.

قد أيقنت أن الأمل فيهم مفقود، فهم كقوم موسى الذين عاندوا ورفضوا الدخول إلى بيت المقدس، فحكم الله عليهم بالتيه أربعين سنة حتى يموتون وينتهي أثرهم، ويجيء من خلفهم جيل ما تربى على الذل والمخالفة، ولعل هذا هو المخرج الوحيد لمعضلة تشوه الإدراك، فلا تأس على القوم الآسفين.

هناك تعليق واحد:

احمد شريف يقول...

كلام ممتاز.. عجبتنى أوى فلا تأس على القوم الآسفين :))