كنت قد كتبت مقالين في الرد على لميس جابر وأمثالها وهما (فهل أنتم منتهون؟!) و(أحفاد أعرض عن هذا!)، وقد تزامن ذلك مع إضافتي لأحد مجموعات (إحنا آسفين يا ريس) بواسطة أحد الأصدقاء، فوجدتها فرصة لكي أرى طريقة تفكيرهم واتجاه آرائهم عن قرب، خاصة وأنني خلصت في المقالين السالفين إلى أن أحد أكثر جرائم المخلوع سوءا وتدميرا هو تشويه الإدراك لدى الناس، ولا مجال هنا لإعادة ما كتبت، ولكنني أزعم أن تشخيصي لسبب الاعتلال لدى هؤلاء واستخدامي للفظ الإدراك المشوه هو اجتهاد شخصي لم اعتمد فيه على علم موثق مبني على الأدلة والبراهين، غير أن حرصي على اتباع العلم واحترامه جعلني ابحث عما يدعم تشخيصي، وهو ما أوصلني لفيديو للدكتورة منال عمر يصنف نمو التكوين المعرفي والأخلاقي لدى الناس، وآخر يحلل أسباب مهاجمة البعض للضحية عوضا عن الدفاع عنها ونقد الجاني، وأحمد الله أن ما خلصت إليه كان له أساس علمي موثق.
تقول الدكتورة منال عمر أن جماعة (إحنا آسفين يا ريس) تعاني من تدهور في التكوين المعرفي لدرجة السذاجة المعرفية، فهم يؤمنون أن من قام بفعل حسن فذلك يجعله رجلا جيدا إجمالا، كما أنهم يثقون في المؤسسة العسكرية رغم انتفاء مسببي الثقة وهما التكامل (واضحة المعالم) وامكانية توقع أفعالها، وأن تدهور التكوين المعرفي الذي يعانون منه أدى لتدهور النمو الأخلاقي لديهم، فهم يحتلون قاع سلم النمو الأخلاقي حيث الامتناع عن ارتكاب الخطأ بسبب الخوف من العقاب فقط (هنا يقع المخلوع وأصحابه) أو فعل الصواب بسبب الرغبة في الحصول على المكافأة (بقية الأشخاص الذين يربطون الحصول على بعض الحقوق الأساسية بالتنازل عن بعضها الآخر).
أرغب هنا في ذكر مجموعة من الخصائص التي توصِّف جماعة (إحنا آسفين يا ريس) بناء على ما ذكرته الدكتورة منال عمر:
- ضعف الحجة والقدرة على الانتقاد الموضوعي:
- ضعف القدرة على التفكير المركب:
- اللامنطقية وعدم ترابط الأفكار:
- فساد الاستدلال :
ويلحق بفساد الاستدلال الانتقائية في اختيار الأدلة، فتجد من يستدل بوثائق ويكيليكس التي تدعم رأيه الخاص بعمالة بعض الأفراد والتنظيمات، بينما يرفض كل وثائق ويكيليكس الأخرى التي تبرأ البرادعي أو تتهم المخلوع بمساندة إسرائيل والتجارة في السلاح وعلمه بالتعذيب وذلك بدعوى أن ويكيليكس غير موثقة! كما يلحق بفساد الاستدلال الاكتفاء بإبداء القناعة الشخصية باعتبارها دليلا يرد على ما تم الاستدلال به، فقد وضعت تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي يوثق فساد آخر حكومة في عصر المخلوع بالأرقام، فكان رد أحدهم أن انجازات مبارك لا تعد ولا تحصى! أو أن ترى من يصر على تلقي 6 إبريل تمويلا خارجيا رغم صدور تقرير وزارة العدل المصرية بخصوص التحقق من تمويل المنظمات في مصر، والذي نشر في الأهرام الإنجليزية وتم تبرئة 6 إبريل فيه.
- الاستسهال والبعد عن التدقيق:
وكذلك لم يقرأوا جميع التقارير والأبحاث التي تتحدث عن الضوابط الشرعية والإنسانية للدفاع عن النفس ودفع الصائل، أو تفريق المظاهرات.
يقول الإمام الشافعي في السفر خمس فوائد: تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحــــــــبة ماجد، وأنا أقول في مخالطة جماعة (إحنا آسفين يا ريس) فوائد جمة، قد تماثل فوائد السفر أو تفوقها، ففيها احتساب حسنات وتكفير ذنوب بالصبر على سبهم وقذفهم، وفيها إدراك لنعمة الله على الإنسان أن فضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وفيها اكتساب سعة الصدر والترفع عن السفاسف، وفيها معرفة أن الاختلاف في التفاصيل مع من يدعم الثورة أهون بكثير من الحاصل مع هؤلاء الجماعة.
قد أيقنت أن الأمل فيهم مفقود، فهم كقوم موسى الذين عاندوا ورفضوا الدخول إلى بيت المقدس، فحكم الله عليهم بالتيه أربعين سنة حتى يموتون وينتهي أثرهم، ويجيء من خلفهم جيل ما تربى على الذل والمخالفة، ولعل هذا هو المخرج الوحيد لمعضلة تشوه الإدراك، فلا تأس على القوم الآسفين.
هناك تعليق واحد:
كلام ممتاز.. عجبتنى أوى فلا تأس على القوم الآسفين :))
إرسال تعليق