من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

السبت، 7 أبريل 2012

الختم في الدرج



هذا وقد اكتشفت جماعة الإخوان فجأة إيها السادة (أي والله العظيم فجأة) إن لديها خيرت الشاطر، في مشهد مماثل لاكتشاف اللمبي أن الختم في الدرج، فاعتقد كلاهما أن ما اكتشفاه مصدر قوة وسلطة، فراح اللمبي يختم على أي ورقة، وراحت الجماعة تختم على كل قفا.

أرجوك أن تقاوم رغبتك الحثيثة في التقاط صورة لي وأنا أكتب هذا الكلام مهاجما قرار الجماعة، وألا تعتبر هذه الصورة دليلا على تعصبي لمرشحي حازم صلاح أبو إسماعيل، ولا كرهي وتخويني للجماعة، ولا ازدواجيتي في الحكم وانعدام حياديتي والإنصاف، ارجع لكل ما قلت وكتبت منذ الثورة والتقط صورا كثيرة وقارن بينها لتعلم موقفي ومبادئي.

قد كان ولا يزال رأيي أن ينشغل كل مؤيد بمرشحه وألا يهاجم إلا مرشحي الفلول، غير أنه قد يرى البعض أنني خالفت هذا عندما اعترضت على قرار الإخوان بترشيح خيرت الشاطر، والحق أن الاعتراض هنا موجه للقرار وليس لشخص الشاطر، فأنا لا اتكلم عن كفاءة الشاطر، وإنما عن فرص فوزه وضمان التئام الصف الثوري، ذلك أن الشاطر محسوب على التيار الإسلامي، ولا يملك صفات تميزه عن الموجودين في نفس المعسكر إلا خبرة اقتصادية غير مضمونة النجاح إذا ما أراد نسخها على مؤسسات الدولة، وبذلك فهو لن يستقطب أصواتا ثورية من خارج المعسكر الإسلامي، فهو ليس اشتراكيا بل هو يمثل قمة الرأسمالية في عيون اليساريين، وهو ليس أكثر ليبرالية من أبو الفتوح، وبالتأكيد هو لن يستقطب أصوات من يفاضلون بين شفيق وسليمان وموسى، فهؤلاء كالأنعام أو أضل سبيلا.

مما سبق نرى أن الشاطر سيتقاسم نفس الأصوات التي ستختار المعسكر الثوري الإسلامي، وهو لن ينجح في تجميع أصوات مؤيدي حازم وأبو الفتوح، وغاية ما يقدر عليه أن يقتنص أصوات الإخوان التي كانت ستذهب إليهما، ولا أظن أن الإخوان يرون أنهم يقدرون على إنجاحه بأصواتهم لوحدهم، فلا يخفى عليهم أنهم فقدوا تعاطف وقبول الناخب غير المسيس بعد تجربة البرلمان التي لن أخوض في ملابساتها أو الظروف التي لم تسمح لهم بالنجاح فيه، فالناس لا يشغلهم تحليل الأسباب وإنما هم مهتمون بالنتائج.

لم يقم الإخوان بأي دراسة علمية لاستقصاء الآراء ومعرفة فرص الفوز، فعلى أي أساس جزموا بتضاؤل فرص فوز حازم وأبو الفتوح! وكيف قدروا أن الشاطر هو من يستطيع الفوز! ثم إنهم ساقوا مبررات لا تنطلي على طفل ساذج، فضلا عن أن ترشيح الشاطر لا يحل المشكلات التي ذكرت في المبررات، فإن الأخبار التي تتحدث عن ترشح الفلول وصلت إلى حد التواتر، والأولى أن يضع البرلمان القانون الذي يمنعهم من المشاركة، أما عن محاولات سحب الثقة من الحكومة فقد كانت من قبيل (عزومية المراكبية)، وقد سبقها فرص كثيرة كان الشارع فيها في مواجهة المجلس العسكري لإسقاط حكومة الجنزوري، وكان البرلمان مؤيدا من الميدان لأخذ زمام المبادرة بل وربما الاحتجاج بأنهم يودون إعطاء الجنزوري الفرصة ولكن (على عيني، الشعب عايز كده) وأفلتت الفرصة من البرلمان الذي يسيطر عليه الإخوان أكثر من مرة، وبنفس الطريقة خالفوا الرأي العام الناقم على المجلس العسكري وأرسلوا إليه خطاب شكر، وأصروا على الدستور أولا قبل الرئيس، وتغاضوا عن العوار في المادة 28 التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وبدل أن يتعاملوا مع كل مشكلة بالحل الناجع أرادوا أن يوهمونا بأن ترشيح الشاطر هو اللاصقة السحرية التي تعالج 50 مرضا دفعة واحدة.

أما القول أن ترشيح الشاطر جاء لاحتمال تلاعب العسكر بموضوع جنسية والدة حازم، فلا أعلم هل بنوا قرارهم بناء على ما يردده الإعلام أم بناء على نقاشات مع المجلس العسكري! الذي أعلمه أنهم لم يتحدثوا مع صاحب العلاقة، ولو صح تقديرهم في أن العسكر متربص بحازم، فلم لا تدعمون أبو الفتوح وهو ابنكم وقد رفع الحرج عنكم بأنه استقال من الجماعة! وكيف يكون التعامل مع تهديد العسكر لحازم بأن تقدموا الشاطر وهو المهدد لاحقا بصدور عفو دون رد اعتبار بما يعني عدم صلابة موقفه!

إننا في هذا البلد حالنا كما أخبرنا رسول الله قوم استهموا على سفينة، وإن إقدام الإخوان على أفعال غير محسوبة ولا منطقية لا يمكن أن يترك لمسألة احترام الرأي وأن الصندوق سيحدد من يريده الناس، فهم يغامرون بمصير بلد، ويخطىء من يظن أن العسكر يعملون لصالح الثورة، ولا نستثني من أفعالهم شيئا وخصوصا إصدارهم للعفو عن الشاطر، فهم بذلك أرادوا دفعه للترشح كي يخسر هو وغيره من المرشحين، وينجح مرشح العسكر.

عندما تضع سدودا وتحفر قنوات أمام الماء، فأنت لم تأمر الماء أن يجري بهذا الشكل، أنت حددت المسار الذي سينساب فيه الماء دون أن تظهر في الصورة، الخلاصة: حسن ظني وعدم قبولي لتخوين أي فصيل يجعلني أؤمن أن العسكر يرسم مسارات عدة لنا جميعا وبالأخص جماعة الإخوان، الذين تخلوا عن فطنة وكياسة المؤمن واختاروا أن يصبحوا ماء، وهذا الأمر واضح في انقياد أعضاء الجماعة لتأييد الشاطر عقب الإعلان عن ترشحه بدقيقة واحدة وقبل نشر أي برنامج انتخابي، وواضح في مراهنة القيادات على العسكر وثقتهم في وعودهم وتخليهم عن الشارع والثوار، فمن لا يستفيد من التاريخ وما حدث في 54 ويبتعد عن الشارع لا أشك في وطنيته، إنما أشك في قواه العقلية.

(يا خيرت يا شاطر...ودينا القناطر)! إن كان هذا الشعار موجه إلينا فلتحترموا عقولنا، وإن كان هذا الشعار معبر عنكم فقد علمنا قدر عقولكم، اللهم أجرنا في مصيبتنا.