من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

عسكر ولبلب


كم من الصفعات يريد أن يتلقاها القائمون على تسيير أمور البلاد من الشعب حتى يعلموا خطأ قراراتهم وهزيمتهم أمام إرادة الشعب، ففي مشهد مطابق لفيلم عنتر ولبلب، يقوم الملثم (ممثلا للشعب) بتفجير خط الغاز للمرة السادسة أو السابعة، موجها (قلما) موجعا لمجلس العسكر أو الوزراء (الذي يصر على استكمال تصدير الغاز).


الرسالة التي يبعثها تفجير خط الغاز رغم الإصرار على توصيله لإسرائيل تتجاوز مسألة الرفض الشعبي لإمداد عدونا التاريخي بالطاقة المدعومة، فهي تحمل دلالات كثيرة، منها أن القائمين على الأمر هم أول من يزدري أحكام القضاء إذا ما عارض هواهم، وأن انفصال الحكام عن الشعب عميق، وأن آلية اتخاذ القرار تطابق الطريق التي سلكها الحكام للوصول للحكم، فالحاكم يقرر ما يعكس إرادة الشعب حينما يكون منتخبا لذلك فهو مشغول باستقراء آرائه ومعرفة مطالبه، بينما يفرض قرارات فوقية تصادر إرادة الشعب حينما يكون غاصبا للحكم فاقدا للشرعية معتقدا أنه يعرف مصلحة الشعب أكثر منه، وفي هذه النقطة نحتاج لبعض التوضيح.


إن الشعوب لا تحتاج لوصاية من حكامها تقرر لهم ما يعتقده هؤلاء الحكام أنه الأصلح لهم مخالفين بذلك ما يريده الشعب، فالشعوب تعلم ما تريد، ولكنهم لا يعلمون كيفية تحقيقه ولا طرق الوصول إليه، وهنا يأتي دور الحاكم أو القائم على الأمر، أنه يستطيع تحديد مطالب الشعب وترتيب أولوياتها، ويقدر على تحقيقها عبر خطط تنفيذية واضحة، ويكشف أسباب الفشل بمصارحة لا تقبل التأويل ولا التبرير، علما بأن قدرة الشعوب على تحديد المطالب تعتمد على ممارستها لحقها في التعبير وواجب الحكام في الاستماع، ولأننا حديثو عهد بالاثنين فقد نواجه بعض الصعوبة في الصياغة الواضحة للمطالب، أو الاستماع الإيجابي من الحاكم، وهو ما يفرض علينا مضاعفة الجهد وتكرار المحاولة للتوفيق بين الإثنين، وليس الإعراض والاحتجاج بعدم ملاءمة ذلك لنا.


حينما قامت ثورة يناير، استطاعت تحويل بعض الشعارات إلى مطالب واضحة متفق عليها من جموع الشعب، وكان المنتظر والمأمول من المجلس العسكري ووزارته التي اختارها أن يحول هذه المطالب إلى أهداف وغايات ضمن خطة واضحة للتطبيق، ولكنهم ما فعلوا ذلك، ولم يأخذوا مبادرة تحديد مطالب جديدة، ولم يعترفوا أنهم سلطة مؤقتة غير منتخبة ليس لهم القدرة على تطبيق جميع مطالب الشعب، فضلا عن اتخاذ قرارات يرفضها الشعب، فالمجلس العسكري لا يملك كاريزما القيادة، ولا علم الإدارة، ولا هو مؤمن بحق الشعب وقدرته على الاختيار والمحاسبة، ولا يتقن استخدام الأدوات التي تمكنه من ذلك، لذلك كانت قراراته سلسلة من التخبط والمفاجآت التي أصبحت الأقرب لاختيار الأسوأ والمرفوض من كل الخيارات، وبلا ثبات على مبدأ أو آلية واحدة، فنراه يحتج بالقانون الذي يؤكد ضرورة إدلاء الناخب بصوته أمام قاض كي يعيق مشاركة المغتربين، بينما لا يستنكف أن يخالف أحكام القضاء في تصدير الغاز.


يا مجلسنا الموقر: إما أنكم لا تعرفون الصواب، أو أنكم تعرفونه ولكن لا تعملون به لضعف القدرة أو فقدان العزيمة أو فساد النية، وكلها أمور تؤكد عدم ملاءمتكم للحكم والإدارة، فاعتزلونا يرحمكم الله، وكفاية طرقعة أقلام.

هناك تعليق واحد:

محمد عبد الغفار يقول...

فى بلادنا الحاكم لا يعتزل
إما يموت . . او يقتل . . او يعزل