من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

في إنكار المعروف وتبرير المنكر

ما بال أقوام هاجسهم اقتفاء عثرات العلماء! فإن لم يجدوا افتروا بهتانا عليهم، ليتهم يجيبوننا فيريحون ويرتاحون.

حينما كتبت في الرد على التهم المكذوبة بحق البرادعي، كنت معني بالانتصار لمبدأ عدم الإقصاء وتلويث سمعة الأبرياء، رغم اتهامات من خالفوني بأن تأييد البرادعي قد أضلني، وأحمد الله أنه قد قيض لي الفرصة في الرد على اتهام غيره حتى تبرأ ساحتي من الضلال، وأن يجعل قلمي سيف حق على من اعتدى على دين الله.
في صلاة العيد الأخيرة، قبل الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يد الدكتور صفوت حجازي، فكانت الصورة التي التقطتها عدسات المصورين فرصة لأولائك النفر الذين يتحسسون من كل ذي لحية، وينكرون فعل وقول العلماء، فاتهموه بالنفاق وبامتهان الانسانية، وادعوا مخالفته للدين بهذا الفعل، وحينما نقلنا الرأي الفقهي لكبار العلماء بما فيه من إقرار وإنكار دونما تعليق منا، تحول الكلام إلى استخفاف بالوقت الذي قضيناه للرد على هكذا أمر، وإنكار لرافد من روافد الدين وهي السنة، ولهؤلاء أقول:
  • لو أن الأمر لا يستحق الرد فكان من الأولى ألا يستحق النشر، فالنشر فيه إساءة والرد فيه إحسان، ولا يجوز ترك الإحسان عند إتيان الإساءة
  • لا مجال هنا لنشر رأي الفقهاء لسببين، أولهما أن الرد طويل ولك أن تقرأه إن أردت بالنقر على هذا الرابط، والآخر أن رأي الفقهاء مستند على فعل النبي والصحابة من بعده، وهؤلاء النفر ينكرون ماليس بقرآن، وعليه فالواجب أن نرد عليهم بما يقبلونه، فالمعلوم أنه لم يذكر منع ولا تنفير من تقبيل يد العالم في القرآن، وما دام ذلك ثابت فمرد الفعل إلى عرف الناس وعاداتهم، وما كان مستهجنا عند جماعة قد يكون ممدوحا لدى أخرى، ولا يصح إنكار عادة اجتماعية إلا بإجماع ذوي العدل والفضل في كل الجماعات، ولستم يا من تنكرون تقبيل يد العالم من أهل العدل ولا الفضل، فأنتم تنكرون قبلة إجلال على يد عالم، وتبيحون قبلة الاتيكيت على يد امرأة، بل وتتغاضون عن قبلة على خد إمرأة، ولو قلتم وما أدرانا أنها قبلة إجلال وليست نفاقا فخبرونا الآن من الذي يفتش في النوايا؟ ألم يأمرنا رسول الله أن نأخذ بالظاهر من القول والفعل ونحسن الظن بالناس، عفوا قد نسيت أنكم لا تقبلون السنة، حسنا فما أدرانا أن قبلة الاتيكيت ليست شهوانية؟ ولا قبلة الخد كذلك؟

  • الفصل في أن كرامة الإنسان تأبى هذا الفعل مردود بأكثر من طريقة، فقد سبق أن ذكرنا قبلة الاتيكيت، ولو شبهنا قبلة اليد بمسح الحذاء على اعتبار أن كليهما مهين، فما قولكم في لاعب الكرة الذي يحتفل بزميله بعد احرازه هدفا بأن يتقمص دور من يمسح حذاءه؟ بل ويقبله؟ الفعل هنا مقبول باختلاف الفاعل والمفعول به، حيث لا سبيل للشك في تفاوت الطبقات بين اللاعبين، ولا لشبهة تقديس، فلماذا تجسدت أمامكم هاتين الشبهتين في حالة تقبيل عالم ليد عالم آخر؟!

  • أنتم لا تعترفون بهؤلاء علماء، فلم استهدافهم في كل همسة وطرفة عين؟ إما أنهم علماء فهم أعرف بالمعروف والمنكر، وإما أنهم من العامة فلا يؤاخذون على ما يفعلون، ثم إنكم ترفضون هؤلاء بدعوى أنهم لا يفهمون صحيح الدين، هب أن هذا صحيح، فمن عندكم ليطبق علينا صحيح الدين؟ هل لسوء الفهم والتطبيق يرفض المنهج بتاتا أم تأتوننا بمن يحسن تطبيقه؟ أم أن الله ختم رسالاته بدين لم ولن يحسن تطبيقه إلا نفر لا يتعدون أصابع اليد الواحدة؟
  • مثلما كان اتهام البردعي من الناس لتبرير عدم انتخابه، يأتي اتهام العلماء لتبرير عدم مخالفتكم للدين، فهؤلاء العلماء يقولون بحل وحرمة أشياء تخالفونها، ولأن الانسان غالبا لا يقبل أن يعترف بتقصيره، فيستعيض عن ذلك بإنكار علم من يبين له خطأه من صوابه، ولا يغرنكم قراءتكم لبعض الكتب أو سماعكم لشيء من الدين، فإن العبرة بالاتباع، علم يصدقه عمل، ولو كان الأمر مقصورا على العلم لكان إبليس أولى منكم بصحة الموقف، فهو أعلم منكم وأكثر يقينا بالله
لقد ذم الله أقواما بما عصوا وكانوا يعتدون، وأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، ولا أدري كيف يفعل بنا الله وقد بلينا بمن لم يكتف بعدم إنكار المنكر، بل تعداه لتبريره وإنكار المعروف، اللهم إليك نبرأ منهم فلا تؤاخذنا بما فعلوا.

هناك تعليقان (2):

باب أمل يقول...

طبعا كلام رائع جدااا وجزاك الله كل خير وعلى فكرة انا كنت من اشد المعجبين بالبرادعى من ساعة ماوقف امام الباطل وقال كلمة حق فى وجة سلطان جائرولكن الان لابد ان احكم العقل وعقلى يملى علية الان ان اختار الرئيس الذى اشهد لة بدينة حتى ابرىء ذمتى امام الله وربنا يجعلة فى ميزان حسناتك ان شاء الله

Hossam Elamir يقول...

اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل ، ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر ، وعجز الثقة ، فالواجب في كل ولاية ، الأصلح بحسبها .

فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة ، والآخر أعظم قوة ، قدم أنفعهما لتلك الولاية : وأقلهما ضررا فيها ، فيقدم في إمارة الحرب الرجل القوي الشجاع ، وإن كان فيه فجور فيها ، على الرجل الضعيف العاجز ، وإن كان أمينا ، كما سئل الإمام أحمد : عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو ، وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف ، مع أيهما يغزو ؟ فقال : أما الفاجر القوي ، فقوته للمسلمين ، وفجوره على نفسه ، وأما الصالح الضعيف فصلاحه ، لنفسه ، وضعفه على المسلمين ، فيغزي مع القوي الفاجر .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { : إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر }

وروي { بأقوام لا خلاق لهم } . فإذا لم يكن فاجرا ، كان أولى بإمارة الحرب مما هو أصلح منه في الدين ، إذا لم يسد مسده