من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

ولا سياسة في الدين

نحن نقبل الديمقراطية طالما كافأتنا، فإن واجهنا من عنده ميزة تنافسية انقلبنا على أعقابنا.

يخطىء من يظن أن العلاقة بين الدين والسياسة بدأت مع ظهور الجماعات الإسلامية، أو أنها تقتصر على الإسلام وحده، فإن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، وبظهور المجتمعات بانت الحاجة إلى حاكم ومحكوم، وقائد مجتمع أمام آخر، ولطالما كان الإنسان يبحث عن إله يعبده، بهداية ربه أو بضلال عقله، وطول تاريخ البشرية يتيح من الفرص المرات التي يعجز عن حصرها لتفاعل الدين والسياسة، فهما من حاجات الانسان التي لا يستغني عنها.

إن الدين هو أحد العناصر التي تتفاعل مع غيرها من موروثات ثقافية ومكتسبات مادية لتكوين رأي الفرد واتجاهاته، وكل منا لديه هذا العنصر في تشكيله، رغم اختلاف نسب المساهمة أو نوعها أو الوقت الذي يدخل فيه الدين للتفاعل مع بقية المكونات، وهو ما ينتج لدينا التباين الشديد في مرجعيات الناس من إلحاد إلى تطرف في الدين، مرورا بالعلمانية والوسطية والتشدد، ولربما غلب على عنصر الدين مكون آخر فنجد الاشتراكية أو الرأسمالية أو غيرهما من الاتجاهات والفكر، وجميعها مرجعيات للانسان توجه رأيه دون أن يشعر.

لا أعلم لم يجيز الناس الاحتكام لأي مرجعية فكرية أو توجه سياسي دونما غضاضة، ويغص الحلق حين تكون المرجعية دينية عامة أو إسلامية على وجه الخصوص؟ إن هؤلاء المقبولين يحكمون من منطلق ما ثبت في قلوبهم من قناعات تغذيها توجهاتهم، وكذا أصحاب المرجعية الدينية يفعلون، أولائك يقيسون الأمور بمعايير ذهنية بتوجيهات فكرهم الذي يعتنقون، وهو ما يفعله ذووا المرجعية الدينية حين يعايرون الأشياء بمعيار الدين، بل إنني استغرب نداءات الرافضين لذووي المرجعيات الدينية ألا يخلطوا الدين بالسياسة، ولهم أقول بالله عليكم كفوا أنتم عن العبث بالدين باسم السياسة، فالله ما عانت السياسة من الدين بقدر ما أصاب الدين من السياسة، يطمع ملوك أوروبا في كنوز الشرق والقوة التي تمنحها أورشليم فيطلبون من رجالات دينهم أن يحشدوا الجيوش لنصرة الصليب، ويريد الغرب أن يتخلص من حمل اليهود ويزرعه كائنا غريبا ليضعف العرب والمسلمين فيتنادون أن أعيدوا مجد اليهود باسم الرب، وكلنا يعلم أن حكام اسرائيل علمانيون ومنهم ملحدين ولكنهم يشترون الدنيا باسم الدين، ولنا في الفتاوى التي تصدر بإيعاز من الحكومة عبرة لمن ألقى السمع، فتارة تبيح البنوك، وتارة تحرم التظاهر، وثالثة تحض على التظاهر، ورابعة تبرر حصار غزة وتجويع المدنيين، وكله استخدام للدين لخدمة سياسة الحاكم وبإشارة منه، لم حرم عمرو خالد من المحاضرات والندوات والعمل الاجتماعي وهو لم يتكلم في سياسة أو يشق وحدة الصف، وإنما كان وجوده يغطي على مخطط سياسي آخر، لذا وجب التدخل في الدين، وحتى بعد قيام الثورة، حسبنا أن الحرية مكفولة للجميع، ولكنهم أبوا على ذوي التوجهات الدينية أن يأخذوا حظهم في المشاركة، فصار كيل الاتهامات بدليل وبغير دليل لتشويه الصورة وغلق مواقع القبول لدى العامة، علما بأنني ما كنت لأسيء الظن بمن يتهمهم لو كان الاتهام ذا صلة بالفساد أو القصور السياسي، بل إن السواد الأعظم لهذه الاتهامات ليست معنية بالسياسة أصلا، وكثير منها مفترى على الإسلام ولن تجد له أساسا.

أحسب أن الذين يهاجمون ذوي المرجعيات الدينية إنما أرادوا الاحتياط لنفسهم ألا يفقدوا فرص مشاركتهم أمام ميزة الدين التنافسية، ولو أنهم قدروا على استخدام الدين في صفوفهم لوجدتهم مهطعين مقنعي رؤوسهم خاشعين، تخضل لحاهم من الدمع داعين اللهم أعز الإسلام وأهلك الباقين.

ليست هناك تعليقات: