من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

يوم في حياة مراهن

استيقظت متأخرا بضرب الجزم، متعللا بفرق التوقيت بين مصر والكويت، رغم أنني لم أكن أحادث أحدا في مصر الليلة السابقة، ولكنني كنت أتلمس أخبار مصر، أي بصيص أمل يطمئن قلبي على الثورة ومكتسباتها، أو قل إن أردت الحقيقة أي خبر أوهم به نفسي أنها لا ترجع إلى الخلف.


ارتديت ملابسي في عجالة، لم أتناول الفطور فأنا معتاد على تناوله في العمل، أضع أشيائي في جيوبي، أبحث عن دبوس علم مصر الذي اشتريته من ميدان التحرير ، أعلقه مثلما أعلق بطاقة التعريف الشخصية، وفي السيارة علم آخر يغطي الجزء الخلفي وراء الكنبة تماما، أدير المحرك ثم أشغل محرك الأقراص المضغوطة، استمع إلى القرآن بصوت المعيقلي أو أختار ملفا آخر باسم مصر فيه كل الأغاني الوطنية التي وضعتها منذ يوم تنحي كنز اسرائيل الاستراتيجي.


وصلت إلى المستشفى بسلامة الله، كدت أن أنسى شراء فطوري أثناء اتجاهي إلى المكتب، فقد توقفت عن شراء الفطور منذ عدة أيام لعدم توفر المال، أتذكر أنني عندما استلمت مرتب الشهر الماضي قمت بتحويله كاملا بالدولار إلى مصر بعد خصم مصاريف العائلة، ولم آخذ في الحسبان مصاريفي الشخصية، تحويل مبلغ شهري بالدولار أصبح من الأساسيات الآن، وكل شهر أخوض نفس النقاش مع أسرتي بضرورة تحويل مدخراتهم إلى مصر دونما فائدة، الشهر المقبل قد أعدوا العدة للعمرة، وأنا رفضت متمسكا بفتوى القرضاوي بتأجيل العمرة والحج والتصدق بتكلفتهما.


ابدأ بتصفح مواقع الأخبار والفيس بوك ومقالات هويدي أثناء فطوري، في نفس الوقت الذي يبدأ فيه الإحساس بحرقة المعدة، قد اعتدت هذا الإحساس ولم يعد غريبا، هو بالتأكيد ليس كالألم الذي ظللت أحسه منذ جمعة الغضب الأولى وحتى قبيل تنحي الكنز،كنت وقتها أتناول أدوية القرحة بجرعاتها الكاملة وما يزال الإحساس بخرم في المعدة مستمر.


يتوالى العمل بين اتصالات ومحاضرات وكتب رسمية ونقاشات غير رسمية،في اجتماع اليوم أضرب أمثلة مما أصبح عالقا في ذهني من الثورة أو الأنشطة التي أشارك فيها خارج نطاق العمل، المتعلقة بمصر والمصريين، كالعادة أسمع تعليق الاستاذ مجدي بصوته العالي الساخر: (مش إنتو بتوع الفيس بوك وميدان التحرير)، أنا لست ممن كانوا في ميدان التحرير، لكنني لا أجادله ليس إدعاء لفضل أو شجاعة، ولكن وصفه يكسبني مصداقية حينما أشرح له مطالب الثورة وأعري له الفساد الذي لم يكن يعلمه، وأصبح الآن مساندا للثورة.


أحادث أخي على الهاتف، يخبرني بأن ابنه قد أزال الغرز التي كانت في شفته بعد إصابته الأسبوع الماضي، أعلم أنني قصرت في السؤال عنه، ولكنني على يقين بأن أخي لا يلومني، هو يعلم مقدار حبي لهم، فهم أبنائي بعد فشلي في الزواج، هل سيكتب لهم الله أن يعيشوا في وطن يحبهم ويحبونه؟ وهل سأكون سببا في تحقيق هذا الحلم؟ هذا ما يدور في ذهني أثناء المكالمة الهاتفية التي ضاع أغلب محتوياتها لعدم إنصاتي.


ينتهي وقت العمل الرسمي، وأظل في مكتبي وحيدا أحاول انجاز أعمال لا تنتهي، واضعا في النية الإحسان الذي أمرنا به الله، والإحسان الذي يرضي نفسي، والإحسان الذي هو صميم عملي، والإحسان الذي أود أن أراه مقرونا مع إنجاز كل مصري، أعود للبيت لأتناول وجبة جديدة، لا هي غداء ولا عشاء، ثم أجلس إلى نديمي (اللاب توب) لمتابعة الأحداث والانتهاء من العمل التطوعي الخاص بمصر والمصريين، أرى شواهد رجوع الثورة إلى الخلف، أولويات الاستقرار من أمن وغذاء تتراجع أمام خطط التنمية طويلة المدى، الفقراء يبادون، الشهداء يتناسون، المصابون يهملون، الإجماع يتفتت، مطالب الثورة تستبدل بمطالب اختلافية، أدرك أن انجازات الثورة ان يتم استدعاء محمد حسنين هيكل الي النيابة مرتين و كأن الثورة قامت لاسقاط هيكل و المخلوع في شرم الشيخ لم نراه يستدعي للنيابة و التحقيق مثلما يقول عمنا بلال فضل، أقرأ خبر اقتراب الأهلي من إحراز الدوري، رغم أنني من مشجعيه ولكن كنت أود لو بقى هذا التغيير الوحيد الذي يثبت أن ثورة قد قامت.


لست أكثر وطنية من هؤلاء ولا أزهد منهم في الدنيا، غير أنني راهنت بكل شيء على هذه الثورة، بما أملك ومالا أملك، بالمادة والروح، بالحاضر والمستقبل، بمبدأ يا صابت... يا اتنين عور

ليست هناك تعليقات: