من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الاثنين، 20 يونيو 2011

إن فاتك الميري

رغم أن البلد تئن تحت وطأة الجهل والأمية، إلا أن الخبال الذي يصيبنا من وراء النخبة المثقفة لهو أظلم وأضل سبيلا.


لولا أني آليت على نفسي ألا أتهم من يخالفني في الرأي بالعمالة والخيانة، لكان لي شأن آخر مع النخب وأصحاب الأبواق، ذلك أنهم يقولون مالا يفعلون، فهم يصيحون آناء الليل وأطراف النهار بشعارات الديمقراطية والمساواة واحترام الرأي وحكم الشعب ومدنية الدولة، ثم لا يلبثون يطالبون بما يرونه من وجهة نظرهم، بغض النظر عن كونه مخالفا لرأي الأغلبية أم موافقا لها، ومبررهم في ذلك أن الأغلبية من الشعب لا تعي الأصلح لها، وأنهم مضحوك عليهم، لذا وجب على النخبة أن تستل سيف الدفاع عن الصالح، وإنه من دواعي السخرية أنهم بهذا الفعل ساروا على درب النظام السابق في المنطق وفي الخطاب المستخدم لتبريره، دون تحريف أو تأويل، في حين أن البسطاء وعامة الشعب يقدرون رأي الجماعة ولا يخرجون عليه،


ما زلت أرى أن معيار اعتناق المبادئ عند الناس متغير، وأننا نقبل الديمقراطية طالما كافأتنا، فإن واجهنا من عنده ميزة تنافسية انقلبنا على أعقابنا، وهو بالضبط الحادث بين الجماعات السياسية الآن، فأغلب العلمانيين والليبراليين والاشتراكيين لا يقبلون ما سارت إليه نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فرغم أن بعض من روج للموافقة عليها استخدم سلاح الدين وهو فعل مرفوض، كذلك فعل من روج لرفضها، على أنه يظل جزء ممن قبلوها له مبرراته المنطقية، البعيدة عن الدين، كما يقول الدكتور معتز عبد الفتاح في مقاله ( لماذا قال المصريون (نعم)؟) في جريدة الشروق بتاريخ 19/6/2011، وفي سبيل رفض هذه النتيجة، لا يمل المعادون للتيار الإسلامي من المطالبة بأمور تضمن لهم الوصول إلى هدفهم، حتى وإن كانت تخالف ما ينادون به من مبادئ.


رغم حزني لانشقاق صف الإجماع الوطني في جمعة الغضب الثانية، ورغم عتابي الشديد لكل من رفض المشاركة فيها متمسكا بنقاط الخلاف ومهملا بنود التوافق، إلا أنني فرحت للنجاح الذي قدر لهذه الجمعة، وفرحي الأشد للتصريحات التي خرجت ممن شاركوا فيها بأنهم ما عادوا يحتاجون لدعم الإخوان المسلمين، وأنهم قادرون على الحشد، فأين هذه التصريحات الآن وأنتم تطلبون وضع الدستور أولا خشية أن يسيطر الإخوان على البرلمان القادم وينفردوا بوضعه! أليس من نجح في تنظيم جمعة الغضب الثانية في غياب الأخوان بقادر على حشد الأصوات والفوز في الانتخابات البرلمانية؟ أم أنكم لا تريدون لأي تيار إسلامي أن يشارك في وضع الدستور حتى وإن كان منتخبا من أغلبية أو أقلية؟


يطل علينا النخبة المنبثقة من مؤتمر الوفاق القومي بنزغ الرجيم، فتنادوا مصبحين أن اجعلوا مادة في الدستور الجديد تفرض على الجيش حماية توجه الدولة المدنية بغض النظر عمن يكون الرئيس أو هوية الأغلبية فى البرلمان، ويلكم ماذا تفعلون! هل ملك بغض الإسلاميين عليكم قلوبكم حتى أردتم إهلاك مدنية الدولة بتدخل العسكر؟، أتريدون تغيير العقيدة العسكرية لجيش مصر من حماية الوطن وسلامة اراضيه وحماية الشعب إلى حماية الدولة والنظام، أتدرون ما الحال الذي كنا سنؤول إليه في ثورة 25 يناير لو أن الجيش اعتنق فكرة حماية النظام؟ وهل تجاوزات الجيش في بعض المواقف التي كثرت تطمئنكم إلى احترامه لحقوقنا المدنية؟ وهل خبرتم حرفية سياسية في العسكر تيسر لهم الحكم على ما يهدد مدنية الدولة دونما ميل أو تجاوز؟


إن من المفارقة أن يكون البسطاء لا يقدرون على استخدام مصطلحات المبادىء رغم أنهم يطبقونها في حياتهم وتعاملاتهم، في الوقت الذي تتغنى فيه النخبة بتلك المصطلحات، ولا تجاوز حناجرهم لا تطبيقا ولا اقتناعا، وما يزيد الوضع غرابة أن تعتنق تلك النخبة مثلا شعبيا عفى عليه الزمن، فيتمسكون بالميري كي يتمرغون في التراب.

ليست هناك تعليقات: