من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الثلاثاء، 10 مايو 2011

سؤال الساعة: من غير المضحوك عليهم ولا الضالين؟

ليس قهرا بوسواس المؤامرة الكبرى، ولكن منطقية ترابط الأحداث الأخيرة سواء في تشابكها أو توقيتاتها تفرض علينا أن نأخذ الموضوع على محمل الجد في البحث والوقاية.

راعنا ما نعيشه هذه الأيام من علامات الفتنة الكبرى بين أبناء الوطن الواحد، حتى أصبحنا على شفا حفرة من النار، ما كان لينقذنا الله منها دون إخلاص النية، والأخذ بالأسباب، والتوكل على الله.

عموم الشعب يشارك في هذه الفتنة بسلبيته، وأزعم أن التصدي للفتنة الآن أضحى مسئولية كل مصري، وفرض عين على كل مسلم، فليس مقبول أن تسمع ما يسيء للآخر دون أن ترده وتسكته بكل قوة، ولا أن تتناقل أخبارا عن هجوم هنا أو تقاتل هناك، صدقا أو كذبا، ليس مقبول، وليس مقبول ألا تتغاضى عن الإهانة أو التطاول من الطرف الآخر، اكظم غيظك وكن شديدا شدة من يملك نفسه عند الغضب، قابل من أساء إليك بالحسنة كأنه ولي حميم.

غير أن هناك صنفين من عموم الشعب أرى أنهما مشاركان في هذه الفتنة بإيجاب منهما وليس كسلبية عموم الشعب، هذان الصنفان هما المضحوك عليهم من المتعصبين الموتورين، الذين يؤذن فيهم مدبروا الفتنة فيأتون رجالا من كل حدب ينسلون، وهم لا يقتصرون على دين واحد ولا فكر واحد، فالعيب فيهم تعصبهم، وليس دينهم، وهؤلاء من المحتقنين الذين لا يحتاجون لكلمة أمر حتى يتحركون، بل تكفيهم الإيماءة لبدء سلسلة من التفاعل الانشطاري غير المتحكم فيه. أما الصنف الآخر فهم الضالون من المتقاعسين عن القيام بواجبهم الأمني، من مختلف أجهزة الشرطة، الذين يصرون على الحياد المجرّم، أو التواطؤ الذي هو من قبيل الخيانة العظمى، فكيف يبرر لنا وصول اخبار متواترة، ووجود تجمعات مريبة للقيام بهذه الأحداث ولا تجد تحركات لاحتوائها، فضلا عن وأدها للوقاية منها؟!!

قد تظن أن باجتماع العناصر السابقة من سلبية عموم الشعب، والمضحوك عليهم من المتعصبين، والضالين من أجهزة الأمن يصبح حدوث الفتنة حتمية لا تقبل النفي، غير أن توقيتات حدوث الفتن التي كثرت، وارتباطها بحكم قضائي هنا، أو تجديد حبس لمتهم هناك، أو وفاقا بين الفلسطينيين طال انتظاره، أو فتحا لمعابر غزة المحاصرة على غير هوى محاصرها، كل هذه الملابسات تؤكد بما لايدع مجالا للشك أن الفتن  هي نتائج تدبير محكم.

لا تعارضني فسوف أسوق لك دليلين على ما أقول، ارجع لمقالات استاذنا الكبير فهمي هويدي، التي كتبها قبل الثورة بزمن طويل، وهو فيها لا يسوق آراءه الشخصية، وأنما يتحدث عن التقارير الصادرة من قلب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية، واللتي ذكرت على لسان رؤساء حاليين أو سابقين، يقررون فيها نجاحهم في اختراق المجتمع المصري بهيئاته المؤسسية وجماعاته الشعبية، إلى أبعد درجة، بل إلى الدرجة اللتي يعتبرونها نجاحا يرضون به ويتحدثون عنه بفخر، وهم في اختراقهم هذا ذكروا الأدوات وخطط التعامل مع الأحداث التي قد تهدد أمن إسرائيل القومي، وأشهد الله أنني حينما قرأتها وقتها لم يخالجني أدنى شك أنها تنسج أكاذيب عن قدرات استخبارية خارقة، وجدتها ماثلة في اللهجة الواثقة التي صيغ بها التقرير، وللضعف الشديد والبناء المهلهل لمجتمعنا كما زعموا أنهم حققوه، ولكنني الآن آخذ كلامهم بكل جدية، فما كتبوه يتحقق على أرض الواقع كمخرج متمكن من أدواته يحيل ورق السيناريو إلى فيلم مصور.

الدليل الآخر يشير إلى أننا مخترقون إلى حد بعيد جدا، ومن كل الجهات، فما حدث من تهريب سجناء حماس وحزب الله ووصولهم إلى أراضيهم سالمين في حوالي 5 ساعات يدل على أن هؤلاء يعملون منذ  فترة وعلى الأرض، وأنهم لم يدخلوا بعد أحداث الثورة، وأنهم استغلوا فقط الثورة في تسريع وقت التنفيذ، على أنه يظل مرادهم من هذا الاختراق هو تسهيل هروب سجنائهم، باعتبار أنه لا عداوة لازمة بيننا وبينهم، فكيف الحال بمن بيننا وبينهم عداوة لازمة دائمة تاريخية، وهم معتادون على التجسس واختراق ولية نعمتهم أمريكا، فهل يتوانون طرفة عين عن اختراقنا نحن؟

إن تقصير الضالين حادث منذ سمح باختراق مصر على هذا النحو الخطير، وليس مقبولا أن يستمر بلا مواجهة، وهي نفس المواجهة اللتي نطلبها من جموع الشعب مع المضحوك عليهم، حتى لا يجهز علينا الطرف المعلوم بالنية المجهول بالبينة، الذي هو غير المضحوك عليهم ولا الضالين.

ليست هناك تعليقات: