من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الخميس، 24 فبراير 2011

فتحسسوا من يوسف وأخيه، إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون

لست أقلل من عظمة ثورة الشعب، ولا تفرد قادتها الشباب ووطنيتهم، ولكني أزعم أن ما ميزهم عن باقي الشعب هو صدق الأمل.


كنت قبل الثورة ولسنوات طويلة -أو قل إن شئت منذ قدرتي على التحليل وتكوين الرأي- أدرك قتامة ما صارت إليه مصرنا من الداخل والخارج على حد سواء، ولا أكاد أخطىء إن قلت أن كلنا هذا الرجل مع اختلاف درجات الاعتراف والصدق مع النفس، وربما نستثني من ذلك سيادة الرئيس السابق والذي ما تزال إشارات الدهشة والخيبة التي تطل منه تؤكد على أنه كان يسبح في واد آخر من الإقرار بعموم الرخاء والنعيم؛ أضف إلى إدراكي لقتامة الوضع، موضوعية في الاعتراف بأوجه النقص وأعراض العلل، ورفض للتجمل بالتغني بأمجاد مصر السابقة والذي يصبح كذبا حينما نحاول مد ظلال تلك الأمجاد والزعم أنها لا تزال حاضرة. حين تجمع بين هذا الإدراك وصدق الاعتراف، يصبح اتهامك بالخروج من زمرة الوطنية منطقيا في نظر الكثيرين ممن لا يزالون يتغنون بالحضور الآني للأمجاد الغابرة، وهو الاتهام الذي نالني مزاحا أو اقتناعا، خصوصا وأنني ولدت وعشت لسنوات خارج الوطن، فأصبح الاتهام قناعة لدى البعض لا تقبل النقاش، مبررين ذلك بأنني قد انسلخت من مصريتي كوني قد ولدت خارج مصر، رغم أن سنوات الغربة تلك قوت حنينا وارتباطا بالوطن، كما يقوي بعد الماء في جوف الأرض جذور الشجر المتلهف للتروية فتكون جذورا ضاربة لا يمكن اقتلاعها، وفي نفس الوقت أتاحت الغربة لكثير منا أن ينظر بتجرد إلى قدر التدهور الذي أصاب مصر من الداخل، وأن يعايش الانتكاسة التي تعانيها مع الخارج وما يلمحه ويسمعه يوميا من نفر غير قليل من العرب الذين يأسفون على ما صارت إليه مصر التي يجلونها.


أكاد أوقن أن في مصر كثيرون ممن شاركوني نفس الألم لما أصاب مصر من الوهن، وأملنا أن تستعيد عافيتها، مع التفاوت في درجات هذا الأمل، فأنا كنت موقنا أن التحسن سيأتي ولكن ليس على أيدي من يشبه هذا الجيل، ومنا من كان يرجو رجاء المؤمن، ومنا من كان يأمل في حدوث ذلك في المستقبل القريب أو البعيد، ولن أجادلك إن قلت أن قناعتي تلك هي أقرب لليأس من الأمل، فأنا شخصيا أراها الآن كذلك، فلا صحة لوجود أمل مع انتفاء توقع حدوثه على أرض الوقع.


لا أعلم ما الدافع لهؤلاء الشباب الذين بدأوا حلم التغيير، ولا أجد عاملا مشتركا يجمعهم، ولكنني أحسب أن صدق الأمل الذي كان لديهم يثبت أنه أمل مختلف عن ذلك الذي عاش في نفوسنا، هو ليس أملا أقوى درجة، بل هو  بذرة تختلف تماما عن نبت الأمل اليابس الذي ظللنا نرويه بأحلام هي أقرب للأمنيات، أمل هؤلاء كان شابا يمتلئ عنفوانا، كان قناعة لم يمحها تعاظم الظلم، كان إيمانا صدقه العمل، كان عقيدة انتصروا لأجلها.


هل نطمح أن تنتقل إلينا الآن عدوى هذا الأمل في الوقت الذي تحتاج فيه مصر لكل الطاقات لبناء ما أفسده النظام السابق؟ نريد أملا يطلق الأحلام والأفكار، نريد أملا يحرر طاقات المجتمع وعافيته، نريد أملا يزرع الإيمان بالقدرة على تحقيق الأحلام بالطاقات المحررة.


أخشى أن يكون الاختلاف بين أملنا وأمل هؤلاء الشباب ليس في البذرة فحسب، ولكن في نفوسنا التي ستزرع فيها، أعلم أن الاضطهاد والظلم والفقر والذل يقتلون الأمل مثلما يبدلون النفوس، فيصيبها التصحر والجفاف، وتصبح تربة لا تصلح إلا لغير ذي نفع من النبات، ولكني أدعو الله أن يمن علينا بنفوس مؤمنة قابلة لاحتضان بذرة الأمل الجديدة، كي نتحسس من التغيير والتطوير، ولا نيأس كالقوم الكافرين.

ليست هناك تعليقات: