أكتب إليك اليوم لأخبرك أن حمدان يعاني من آلام مغص كلوي...
ربما تكون لحصى بالكلية...
أجل...
نحن المخلوقون من تراب يؤلمنا أن يتركز داخل أجسامنا ذلك التراب...
تماما كما يؤلم القلوب الحساسة أن تتركز فيها الأحاسيس...
أتخيل أنني عدته في مرضه...
لا أعلم لم أراني أتمدد على الكرسي أمامه بينما هو المريض!
وهو الذي يسألني مقتضبا بينما أنا الطبيب!
الأعجب أنني أراه يدخن سيجارة أو غليونا وهو يستمع إلي...
لست مدخنا ولا هو ولا أراها عادة تنم عن العقل أو النضوج...
ربما لأنها عادة تدمر الصحة... مثلما يدمرها حبي لك...
قال لي: لم أنت مضطرب البال؟
قلت له: بعض الأخبار... تجعلك مضطربا... وهم يتبرعون بذكرها... بعفوية مصطنعة... كلما حاولت نسيانها ذكروني بها... أتعلم لم أحكي لك عنها دونا عن الآخرين؟ لأنك لا تعلم من هي... فأنا غير مضطر لذكر اسمها... أو ربما تعلم ولكنك لا تسألني... أحيانا أود لو أنك تسألني...
قال لي: كالعادة أنت متناقض... ألم تكن يوما ممتنا لهذا الفيس بوك الذي لا يسجل أمام اسمك عدد مرات مشاهدة صفحتها... والآن أصبحت ناقما على هذا الفيس بوك الذي لا يخبرها أنك ما عدت تزور حسابها!
قلت له: وأنني أتألم لذلك... ليس تناقضا... ربما كان عدم التناقض الوحيد في هذا الأمر كله! أتعلم؟ لقد كنت أنا المبادر بالبوح لها عن إحساسي تجاهها... لكننى حانق عليها رغم ذلك... حانق لأنني كنت متأكدا من مشاعرها دون أن تتكلم... تلك المشاعر التي جعلتني أغير قراري بعدم خوض علاقة جديدة... أحسست أن مشاعرا كتلك لم تفرض عليك مبادلتها... بل لم تتوقع هي أن تبادلها أنت الاهتمام... هي مشاعر صادقة... تستحق أن تخالف فيها قرارك بالكف عن خوض العلاقات... ثم... وعند أول اختبار... يقتلك هذا الوهم حينما ينكشف... أنت لست كل حياتها... ولا بدايتها... ولا نهايتها... أنت لا شيء... تتألم للفراق... وتتألم أكثر حينما تعلم أن كل تجاربها الأولى التي وددت أن تشاركها فيها... تخوضها الآن بدونك...
قال لي: هون عليك... هذا الحنق يقتلك... وأحسب أنه يؤذيها... وليس لمحب صادق أن يفعل ذلك...
قلت له: بل ليس لمحب نقي أن يفعل ذلك... ولكنني صادق... لقد قال نزار يحبهــا حقدي ويا طالما وددت اذ طوقتها قتلها! أتعلم متى أتوقف عن هذا؟ حينما أنساها...
ضحك ثم قال لي: لا أظنك
ابتسمت بمرارة ثم قلت: أتعلم لماذا أحببتها؟ لأنني اشتاق إلى ألم البعاد... ومرارة الفراق... وقسوة الخصام... ووجع الحنين
قال لي: مرة أخرى... متناقض! هل لديك أقوال أخرى
قلت له: لا... ولكن لدي رسالة لها أخرى... قل لها قول محمود درويش... عندما تريدون الرحيل .. إرحلوا .. لكن لا تعودوا أبداً .. كونوا للرحيل أوفياء .. لعلَّنا نكونُ أيضاً لنسيانكم مخلصين...