من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الاثنين، 16 ديسمبر 2013

حركة أحرار .. رصدٌ و تحليلٌ مختصر ..


كتب إسلام أنور المهدي

أنا مهتمٌّ كما تعلمون بمسألة دقيقة تهمنا جميعا اليوم ؛ و هي «إدارة الطواغيت للحركات المعارضة» لاسيما الحركات ذات الطابع الإسلامي أو التي تزعم أنها إسلامية .

و قد خضتُ تجربة التحليل المتأخر و الموازي لحال الحركة الإسلامية في كتابي «عسل الخشخاش» و أسميتُ الكتاب كله باسم الفصل الذي تكلمتُ فيه عن «إدارة الحركة الإسلامية» .. لكن كلامي أتى متأخرا ليبين أسباب ما نحن فيه ! لذلك قررتُ أن أتكلم عن «حركة أحرار» اليوم كنوع تحذير من مصير مظلم ينتظرها ! تحذير لمنسوبيها و ليس تحذيرا منهم بالطبع !

إنني على معرفة ميدانية ببعض رموز الحركة قبل أن تنشأ –و ليس في الحركة رموز حقيقية- ، و التقيتُ ببعض قياداتها في المحافظات بعد نشأتها –و القيادة في الحركة معنى فضفاض- ، و عرفتُ كثيرا من أفرادها على أرض الواقع و في العالم الافتراضي على سواء .. و أتابعها عن كثب ! فهي حركة شبابية ! و الشباب قلب الأمة النابض ! و من لم يهتم بهم فهو غير مهتم بالأمة أولا و آخرًا !

و قد خلُصت من الرصد إلى تكوين فكرة صُلبة في نظري عن الحركة هي خلاصة رأيي فيها ؛ و سأسردها هنا باختصار ..

فالحركة تزعم أنها : واضحة المنهج ، نقية الراية ، ثورية التوجُّه ، مستقلَّة الإدارة ..
و ق تبين لي أن كل هذا مجرد زعم لا أساس له من الحقيقة !

فمع متابعة اجتماعات النشأة لم أجد دعوة لمنهج معين و لا توجه معين ! فقط كانت تتم دعوة المرشحين على أساس حماستهم و قدرتهم على العمل الميداني من تظاهرات و مؤتمرات و أشباه ذلك ! و لم يكن ثمة إطار أيديولوجي يمكن تسميته بالمنهج !

و إذا ادَّعت الحركة أن منهجها هو «مواجهة الهيمنة الأمريكية» فهذا زعم يزعمه الجميع بدءًا من الرفاق الشيوعيين و انتهاءً بالبيادات العسكريين مرورا بالطبع بأبناء المتعة الرافضة .. الجميع يزعمه بلا حرج ! و هذه الدعوى ليست منهجا في ذاتها ؛ بل هي موقف في قضية ! تشترك فيه الحركة مع أطياف واسعة ؛ أكثرها يكذب !
و أما ما يمكن تسميته منهجا فلم أجد له بيانا و لا توضيحا و لا حتى ذكرًا غير واضح ! بل دلَّني الواقعُ على أن المنهج لدى الحركة هو عباءةٌ فضفاضة واسعة مطاطة تعني في حقيقتها قاعدة «حسن البنا» الشهيرة : «نتفق فيما اتفقنا فيه ، و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه» ! فهم يجمعون المتحمسين و الغيورين و رافضي الواقع من كافة ألوان الطيف : جهادي الفِكر ، الليبرالي ، من لديه مسحة اشتراكية و ربما أناركية ، و سائر الجماهير من الصنف اللامنتمي أيديولوجيا ! نعم ! فهم في نقطة المنهج لهم سلوكٌ أشبه ما يكون بمنهج من يسمونهم «الخونة» ! أشبه بالمنهج التجميعي المائع لجماعة «الإخوان المسلمين» !

و على ذلك فأين إسلامية التوجُّه ! لا أجد لها معنىً و لا دليلا إلا أن بعض مشاهير المنتمين ملتحين أو إسلاميو التوجُّه و لغة الخطاب ! بالطبع هم يقولون أنهم يدعون للإسلام اللامتحزب ! لكنهم في الحقيقة يصنعون حزبا جديدا متحيزا عن كل الأحزاب ! لأن اللاتحزب يقتضي معاونة كل صاحب حق في قضيته لا البراءة منه في أحلك ظروفه و خذلانه في حقوقه المشروعة –حقن دمه و دماء من معه- بدعوى ترك التحزب أو بدعوى أنه خائن !

حتى الاسم نفسه مطَّاط يدل على ميوعة المنهج ! «أحرار» : فالحرية ليست مطلبا في ذاتها حتى تكون مقيدة بالشرع ! و الاسم عنوان الراية ! و قد تسمَّى من قبل انقلابيو 23 يوليو بـ «الضباط الأحرار» فلم نر منهم يوم حرية واحد ! إلا حرية الكفر و الفسوق و العصيان !

و إذا كان المنهج لا وجود له و التوجُّه لا لون له ! فأين نقاء الراية ؟!

و هل نقاء الراية يأتي مع تبني مواقف 6 أبريل و حزب مصر الطرية في سلوك مسلك وسط بين المذبوحين و القتلة ! و حتى إذا لم تشارك الحركة في فعاليات ميدان سفينكس «الميدان الثالث» فإن ما تدعو له في وقت الأزمة و هو «التيار الثالث» إن هو إلا تيار ضرار ! ينحرف بالقضية عن بوتقتها الصاهرة و هي الصراع بين طواغيت قتلة و مسلمين مذبوحين ! ذات الانحراف الذي يظهر جليا في إنشاء الحركة لفعالية مكلفة أمام قصر القبة للاعتراض على الطرطور عدلي منصور دون فعالية مماثلة عند وزراة الدفاع للاعتراض على السيسي ! و لا أطالبهم حقيقة بالاعتراض على السيسي ! فلا أرى في الحركة قيادات تستطيع قيادة الجماهير ضد السلاح الحيّ ! و لكني أطالبهم أن يكفوا عن الانحراف بالمتحمسين إلى حيث لا نفع و لا فائدة و لا معنى !

و كل دعوة أو حركة ! ليحق لها أن تسمي نفسها «حركة» ينبغي أن يكون لها كتاب أيديولوجيا ! أو حتى دليل مباديء ! لا عبارات فضفاضة موهمة تجميعية و حسب ! و إن شئت الدقة فتوجه الحركة من ناحية وصفه بالإسلامية أيضا هو توجه فضفاض رقيق كتوجه جماعة «الإخوان المسلمين» التي يسمونهم بالخونة ! فهم ليسوا أصوليين و لا يتبنون قضايا الأصولية في العمل أو السمت ! و ليسوا منحلين لدرجة الصوفية أو غيرها ! هم في الحقيقة في براح الإسلام الليبرالي المتسامح أيديولوجيا !

إنني أخشى على الحركة أن يقودها الطاغوت إلى تدجين أو تكبيل المتحمسين و الغيورين ؛ و الانحراف بهم عن بوتقة الصراع كما استخدم جماعات و أحزاب قبلها لذات الجريمة النكراء !

و إن أنكرتم رأيي فهاتوا من أدبيات الحركة إثباتا للون أو طيف أو منهج صلب ! هذا لو كان لها أدبيات !

الحركة تجميعية تشجيعية إعلامية شارعية العمل بامتياز !
هي حركةٌ ناشئةٌ قوامُها شبابٌ متحمِّسٌ حار الدماء ..
سأقول أنها حركة معارضة ؛ و لن أقول ثورية ..
و سأقول أنها حركة أولتراس ؛ و لن أقول إسلامية ..

و أخطر ما جرى عند نشأة الحركة ؛ هو النوعية المستهدفة للضمّ و توقيت النشأة برمّته !

فقد نشأت في لحظة كُفر شباب الحركة الإسلامية بالديموقراطية لتُعلن أنها كافرة بها !

و نشأت في لحظة ظهور جيل جديد من المراهقين المتحمسين المتأثرين بأدبيات الحركة الإسلامية عامة و المعترضين على مواقف الحركة الإسلامية عامة ، نشأت لتجمِّع شبابًا يتشوف إلى أي جهة ينضم بعد بدء تفكك الجماعات القديمة و تفتتها بسبب مواقف قادتها المخزية !

نشأت الحركة لتقف في طريق تحول هذا الشباب المتحمس الساخط من اللامنتمي إلى الأصولية الصدامية ! فشاركت بدراية منها أو بغير دراية في وقف تيار البراءة و الثورة الذي تدعي الانتساب إليه ! و عرقلته إلى حين !

لماذا أوقفت مد البراءة –بمعنى التبرُّؤ- و الثورية ! لأن مواقف الحركة في الحقيقة هزيلة تنجرف بأتباعها عن بؤرة الصراع الحقيقي إلى صراعات جانبية تافهة ! و تحرم جماهير الصراع المشتعل من تلك القوة البشرية و هذه الدماء المتجددة !

و ما ابتكار فعالية ضد الطرطور عدلي منصور في أجواء مجازر السيسي منا ببعيد !
فإن الصداميين -بمعنى أشمل من مصطلح الجهاديين- ؛ إنهم يبرؤون من الديموقراطية ! و لا يطالبون بالشرعية الدستورية ! لكنهم انضموا –كثيرٌ منهم- إلى اعتصام «النهضة» يحمون إخوانهم في «رابعة» و يذودون عن حِمى الإسلام و يدافعون عن مظلومية أهله و يقفون حائط صدٍّ بين طواغيت الانقلاب و بين الفتك بالإخوان و من معهم في الميادين ومن بعدهم الفتك بكل ما له طابع إسلامي في ربوع مصر المحروسة بإذن الله ! لقد انضم الصداميون لاعتصام «النهضة» ؛ لا إقرارا لخزايا الإخوان السابقة و لا دفاعا عن جاهليتهم ! و لكن صحة موقف و ثبات قدم في موالاة المؤمن على قدر إيمانه و البراءة من باطله ! و مواجهة الفاجر حين صولته على المسلمين . فأين موقف حركة أحرار الطاعن في الظهر من موقف صداميي «النهضة» هذا ؟

و من الحقائق الواقعة أن الطاغوت لا يضرب جماعة أو حركة ناشئة في بداية تكوين نواتها الصلبة ! بل يكتفي برصدها لأنها ستوفر عليه رصد من يعتنقون مبادئها أو يوافقون على الانضمام لها ! ثم حين يرى أن الوقت قد حان ؛ يبدأ الطاغوت في حملة اعتقالات ليضع منسوبي تلك الجماعة أو الحركة تحت المجهر و ينتقي من سيصلح للعمل معه و من سيضع على رأسه علامة الإعدام الحمراء ! و هذا دوما هو السيناريو مع كل الجماعات و الحركات ؛ اللهم إلا التي يُنشئها الطاغوت من البداية كذراع لاعب ومن المخلصين له المدسوسين بين المعارضين !

و ما السجن في حقيقته إلا مختبر دراسات نفسية كبير ! خرَّج لنا حمدين صباحي و أبو الفتوح و برهامي و كذلك خرَّج هؤلاء البلطجية الذين يحكمون البلاد الآن و هم الأذرع التنفيذية للجيش و الشرطة و القضاء و أولياؤهم في قمع الناس و العسف بهم ! و غير هؤلاء كثيرٌ ممن زرع الطاغوت في نقاط ضعف شخصياتهم مفاتيح تحريك ؛ يقودهم بها إلى حيث يريد !

فلا تفرحن الحركة باعتقال أفرادها ! و لا تعدنه دليل براءة و صحة موقف ! إن الطاغوت يكمل خطة عمله المعتادة ! و لأنكم جمّعتهم على غير أساس صحيح و لا فرز مليح ! و لا توجد عندكم منظومة تربوية سليمة فسيخرج الكثيرون من السجون قنابل موقوتة في بناء الحركة أو ينفصلون عن الحركة تماما .

أقول هذا رأفة بكم أن أرى فيكم رزايا رأيتها فيمن تخوِّنُونَهم بالكلية اليوم من الإخوان ! و فيمن انزلقوا بالكلية إلى خندق الطاغوت كالدعوة السلفية ! أقولها و أنا كافر بالديموقراطية و الشرعية الدستورية معارض للإخوان ! لكنني اليوم في خندقهم أدافع عنهم على قدر الحق الذي عندهم و الحق الذي لهم .

فمن شاء منكم انتفع بكلامي ! و من شاء استمر في هروبه من خندق المسلمين ! على عيوب فيه و خطايا !

و الله الهادي سواء السبيل ..

ليست هناك تعليقات: