من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

أجهزة "طرب" مركزي...(فصل في الإصرار على الفناء)

 سايب المفاعل لوحده كاريكاتير للرسام هجرسي

"زفت" إلينا الصحف "القومية" خلال الأسبوع الماضي خبر توقيع اتفاقية مصرية روسية لإنشاء مفاعل نووي في الضبعة، ورغم رغبة تلك الصحف في إظهار التصريح في مظهر الانجاز الخارق الذي يمنينا بالرخاء، فقد تلقيناه قرارا "أخرق" يهددنا بالفناء.

الحقيقة أن لهذا النظام الانقلابي سابقة أعمال -من جهاز علاج الفيروسات إلى قناة السويس- تجعلنا نوقن حجم الكارثة التي نحن مقبلون عليها بهذا المشروع النووي، فليس خافيا على أحد أن كل المشاريع التي يعلن عنها منذ الانقلاب لم تكن رؤية استراتيجية تفرد بها هذا النظام، بل إنها أفكار طرحت منذ عهود سابقة، ولكن الأمر الذي يعنينا في الحكم على صواب قرار تنفيذ المشروع هو حسن الاختيار بين البدائل، وطرق التمويل، وشفافية التعاقد، وكفاءة الإدارة، وكلها أمور تجعلنا نتوجس الشر، فأما عن البدائل فقد علمنا حظ مصر الوافر من الطاقات المتجددة والتي لم نستثمرها حتى الآن، وهاهو طالب مصري مبتكر قدم مشروعا لإنتاج أكبر طاقة كهربائية من دمج ثلاث طاقات متجددة، يترك ليفر بمشروعه وأبحاثه وعقليته إلى الإمارات، وأما عن طرق التمويل فما هو الإبداع في التمويل بالقروض! وفي بلد يكاد أن ينسحق حرفيا تحت وطأة الديون المستحقة، وأما عن شفافية التعاقد فأين هم ممثلو الشعب الأمناء على مصالحه ليراقبوا ويحاسبوا ويسائلوا؟ وأما عن الكفاءة في الإدارة، فلكم أسوق هذه الحكاية.


منذ ما يقرب من عشر سنوات عملت لفترة طبيبا في موقع لشركة بترول "جنوب الضبعة" -يا محاسن الصدف-، وقد كان الانتاج الأبرز لهذا الموقع هو الغاز الطبيعي، رغم أنه لم يكن متوقعا استخراج الغاز من هذا الموقع، ولهذا فقد تم إجراء بعض التعديلات على التركيبات والإنشاءات والتوصيلات في الحقل حتى يتمكنوا من إنتاج الغاز، وكان من ضمن هذه التعديلات أن اضطر المهندسون لمد أنبوب معلق يمر به الغاز فوق مدخل المكان الذي به خزانات "السولار"، حيث أن مد هذا الأنبوب في الأرض يعرضه لأحمال ناقلات "السولار" التي تمر عبر المدخل لملء الخزانات، ولكن ارتفاع الأنبوب لم يكن عاليا بدرجة تسمح بمرور كل الارتفاعات المحتملة من أسفله، ولا أعلم إن كان هذا الارتفاع إجباريا أو"حكم صنعة" كما يقولون أم هو سوء تخطيط و"خيبة بالويبة" كالعادة...
وفي يوم من أيام عملي هناك، علمت أن مسؤول السلامة في الموقع قد أحيل للعقاب ثم عفي عنه، وذلك إثر محاولته إخراج ناقلة "سولار" مرت وهي مثقلة بحمولتها أسفل الأنبوب المعلق، ثم بعد إفراغ "السولار" في المخازن، ارتفعت عن الأرض فاصطدمت بالأنبوب عند الخروج، فما كان من مسؤول السلامة إلا أن إعطى أوامره لسائق "لودر" في الموقع بأن يأتي ليرفع الأنبوب قليلا حتى تستطيع الناقلة المرور أسفله!
مسؤول السلامة في موقع عالي الخطورة لم يكن مؤهلا لا بالدراسة ولا الخبرة ولا العقل للتعامل مع هكذا حادث، فمن الذي عينه في هذا المكان؟ ومن الذي عفا عنه قبل توقيع العقوبة؟

هكذا كانت تدار الأمور في عهد مبارك، "بالواسطة"، وفي عهد السيسي أيضا، إعلاء لكل أشكال الفهلوة والمحسوبية والحنجلة والتطبيل والسرقة واغتصاب الحقوق، ومحاربة لكل أوجه الصدق والكفاءة والخبرة، لك أن تتخيل كيف سيكون الأمر حينما يعين أمثال اللواء عبد العاطي "الكفتجي" في المفاعل النووي! حتما لن يعدم حيلة للسيطرة على اليورانيوم "المتبل" وأجهزة "الطرب" المركزي...

إن موافقة الدول على إنشاء مصر لمفاعل نووي ليست بشهادة على الكفاءة، وإنما هي ورقة ضغط وترهيب أخرى، تهدد بها سائر الدول مصر، فهل يعقل أن تشهد روسيا على كفاءة دولة قامت بمنع الرحلات الجوية المتبادلة بينهما إثر سقوط الطائرة الروسية بعدما تبين لروسيا انعدام الكفاءة في تأمين وإدارة المطارات!

يبقى في النهاية بصيص أمل ألا نصل إلى نهاية رحلتنا نحو الفناء، وللمفارقة أن هذا البصيص لا يعتمد بتاتا على احتمالية أن يدار المفاعل بكفاءات تمنع كوارثه، ولكن من يبثون فينا روح التفاؤل يطرحون احتمالات معتبرة أن هذا المفاعل ليس إلا "فنكوشا" جديدا، أو أن اليورانيوم الذي سيستخدم سيكون مغشوشا ببودرة سيراميك...

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رائع ، وربنا يستر ويطلع مشروع طرب لزوم الكفتة ، وادعيلنا يا حسام