من أنا

صورتي
طبيب ومدون، ابدأ خطواتي نحو المشاركة السياسية والحقوقية، أعشق الهدوء والخط العربي والتصوير. dr_hossam_elamir@hotmail.com

الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

المقدِّم .. القيادة من الخلف !

......................................


شتاء 1997 ..


بدأت حضور درس الخميس للمقدِّم بمسجد الفتح الإسلامي – مصطفى كامل – الإسكندرية ، و اجتاح القلقُ والدي على مصير نجله الفتى الملتحي ! فسأل صديقا له اتصال بضابط مخابرات حربية فأفاده : «شيوخ مسجد الفتح دول –الدعوة السلفية- ناس كويسين و محترمين ، ما فيش خوف منهم» ..فهدأ والدي نفسا و تركني أذهب كيفما شئت ! الطريف أن صديق والدي أخبرنا أن صديقه ضابط المخابرات الحربية ملتحٍ هو الآخر و مظهره سلفي للغاية ! –تذكر أخي القاريء أن هذا كان سنة 1997- !


صيف 1998 ..


بسبب بعض الأعمال الدعوية ؛ كنت أتردد على «مركز الهُدَى للدراسات» في منطقة سبورتنج ؛ و الذي يديره «أبو إدريس» قيم الدعوة السلفية ! و تعجّبت من هذا الرجل العادي جدا ، المنزوي جدا ، الذي يكتنفه الغموض ! و الذي يُشغِّل لديه طلاب علم نابهين في تحقيق و مراجعة الكتب ثم ينشرها باسم المركز ! ثم صار ينشرها باسمه هُو دون أسمائهم و دون أن يحصلوا أيضا على شيء من حقوق الكُتب ! تعجبت من هذا الذي جعلوه قيما للدعوة أي حاكمًا و هو على هذه الحال ! 


و ظل هذا التساؤل قائمًا في ذهني لم أجد إجابته إلا في صيف 2013 حين شهد عندي من كانت والدته زميلة دفعة أبي إدريس في كلية الهندسة أيام السبعينات ؛ شهد أن أبو إدريس كان مُدمنا لاقتحام مُصلَّى النساء في الكلية على غفلة بحجة البحث عن أشياء وهمية ! ليتطلّع إلى وجوه الأخوات المكشوفة و هن جالسات على راحتهنّ في الوقت المستقطع بين المحاضرات ! 


و شهد عندي في صيف 2012 أحدُ مشاهير المعتقلين السابقين أن أبا إدريس و آخر كانا معتقلَيْن سنة 1994 بمستشفى سجن المزرعة على إثر قضية تمويل أجنبي ؛ حين كان المعتقل الشاهد قابعا في الجبّ العميق ثم نُقِل للعلاج ! فتذكرتُ أن أحد المشايخ كان قد حكى لي تلك القصة في صيف 1999متفاخرًا و قال «ملايين .. هي ثلث وصية أمير كويتي ؛ أوصى أن تموَّل بها الدعوة ! ملايين تكفي الدعوة 20 سنة ! و بسبب أنها جاءت مباشرة و بشكل فج و مفضوح ! تم عمل قضية تمويل أجنبي ! و لكن أمير الكويت هدد بقطع العلاقات السياسية بين البلدين ! فتم الإفراج عن المحبوسين ؛ و صار هناك ثأر شخصي بين الضابط مسؤول القضية الذي حُرم من ترقيته و بين المفرَج عنهما رغما عنه» !


و أما القاضية في صفات أبي إدريس كقائد يُفترض فيه تغليب المصلحة العامة على النعرات الشخصية ! ففي 2011 ! حين كان الإخوان يفكرون في التفاوض مع الدعوة السلفية قبل كتابة القوائم و اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشعب و أرسلت الجماعة إلى مكتب الدعوة السلفية تطلب أن يزور وفد منهم المكتب و يجلس مع أبي إدريس و من يختاره ! و كان وفد الإخوان يتكون من عضوين في مكتب الإرشاد و مسؤول الإسكندرية ! فرفض أبو إدريس و اشترط أن يجلس مع المرشد شخصيا ! فاعتذر الإخوان لانشغال المرشد و عدم استطاعته السفر في ذلك الوقت و أخبروه أن هذا هو الممكن في حينه ! فرفض أبو إدريس المقابلة ! و مضى كل في طريقة ! و بذلك قطعت الدعوة كل سبيل للتعاون مع الإخوان في انتخابات مجلس الشعب ! 


فردها لهم الإخوان بطرد وفد الدعوة السلفية حين زاروا الإخوان للتفاوض في جولات الإعادة ! و نعلم بالطبع ما جرى من دعم الدعوة السلفية لطارق طلعت مصطفى أمام الخضيري في مقابل أموال كثيرة لتمويل بناء معهد الفرقان و كذلك وجبات كفتة لغذاء الملتحين الذين استوردتهم الدعوة السلفية ليقوموا بأعمال اللجان تلك الأيام بعد أن باتوا ليلتهم في مسجد الفتح الذي يقع بنفس الدائرة «سيدي جابر» -بالمناسبة طارق طلعت تزوج زيجته الأخيرة على يد د. أحمد حطيبة ، و الذي أوجد له العروس هو د. أحمد فريد- ! و بالطبع دعم الإخوان دويدار لإسقاط عبد المنعم الشحات –بتاع المكرونة بالبشاميل!- و قد كان ؛ في دائرة «المنتزة» ! 


و على إثر خيط المعلومات هذا و الملتف حول أبي إدريس من 1994 إلى 2013 علمت أن المقدِّم حين اختار أبا إدريس ليكون قيم الدعوة منذ ثلاثة عقود ، و حين ظل طوال هذه المدة يحفظ عليه هذا المنصب و يتوارى هو في الظل خلفه ؛ حين اختاره بما فيه من صفات لا تؤهله لقيادة حقيقية بل لتمثيل القيادة ! علمت أن المقدِّم لم يكن لاعبا ! فإنه ينبغي للعروس التي تحركها الخيوط أن تكون خشبية لا روح فيها ! ليحركها اللاعب من خلف الستار كيفما شاء ! لكن ستأتي الرياح بما لا يشتهي عم مغاوري –«عم مغاوري» هو الجنايني اللي بيطلع زعيم العصابة في آخر الفيلم!- ..


صيف 1998 ..


وقفت مع صديقي الملتحي «أحمد ق. ص.» على ناصية شارعنا بعد صلاة العشاء ..
كان نافرًا جدًّا ، يقول كلاما خطيرا يطعن به في مشايخ الدعوة جميعا ؛ لكنه كان في غاية الأدب كما تعودته .. يملك ألفاظه و صوته في غضب مكتوم ! 


فقلت مُلاطفًا : «يا أحمد ! أنت كنت تدعوني للسلفية قبل أن أعرفها ! كنت تدعوني إليها حين كنتُ سلفيا دون أن أعرف المسمى أو أفهم مدلول الوصف ! فكيف تقول ما تقول الآن على شيوخ السلفية ؟»
أحمد : «كنت أدعوك للسلفية ذاتها ! لا إلى هؤلاء ! هؤلاء تُجّار أفاقون منكبون على الدنيا ! سارقوا كُتب ! بل سارقوا فكرة الدعوة و خطتها ذاتها من والدي الشيخ ق. ص. رحمه الله ! لقد سرقوا مسودّات أفكاره و كتبه من مكتبة بيتنا حين قدموا للعزاء ! حين أتانا المقدِّم ! ثم حين أعلنوها بع وفاته ادَّعَوْا أنها أفكارهم !»
أنا : «لا حول و لا قوة إلا بالله ! يا أخي كيف هذا ؟!»


و دار في خلدي كل ما يردده الشباب في دائرة الحركيين الضيقة في الدعوة أن أحمد : كذّاب و واهم و بنفسه أشياء من المشايخ ! و أسألتُ الظن بالشاب الذي استمرُّوا في تحطيمه حتى ترك البلد كله و هاجر ؛ لكن بعض أن طلبوا منه -برقّة الثعالب- أن يصيغ لهم خطة عمل تُدار بها أنشطة الدعوة لمدة خمس سنوات ! و قد استمروا بها قرابة الـ 12 سنة ! إنهم يقتاتون على قوة الشباب و عقولهم ! و لا يقدمون لهم إلا الدمار و الفشل و امتصاص الطاقات و تعطيل القُوى !


شتاء 1998 ..


كنتُ قائما بإدارة الإذاعة المدرسية في مدرستي و كان المدرس المسؤول عن الإذاعة ملتحيا و كان منزويا لا يتكلم كثيرا و على وجهه علامات حزن و حنين دائمين مقيمين كمرض عُضال لا شفاء منه ! 


فاجأني ذات مرة –حين رضي عن أدائي- بأن وعدني باسما بإعارتي شريطا لشيخ يحبه كثيرًا ، و جزم أنِّي سأستفيد منه استفادة كبيرة جدًّا و قطع بأين سأعجب بأفكاره ! و إذا به ثاني يوم يضع الشريط في يدي و يقول هذا الشريط لشيخ اسمه «ق. ص.» رحمه الله ! و اتسعت عيناي ذهولا ! إنه الشيخ الراحل والد جاري أحمد !


شكرته و وضعت الشريط في حقيبتي و عند انتهاء اليوم عدت إلى منزلي و قد أذن العصر ! فذهبت إلى مسجد بعيد للصلاة مع إخوة الدعوة السلفية حيث أتلقى دروس العلم ! و حين قصصتُ قصةَ الشريط على أحدهم مسرورًا ! ثار الأخُ فور سماع اسم الشيخ ! و ألزمني بوجوب إحضار الشريط ليعرضه على أخيه الأكبر تلميذ الشيخ ياسر –و كان تلامذة برهامي حينها يُعَدُّون على الأصابع؛ قبل التضخُّم الحالي!- ! ففعلت و أحضرته له قبل أن أسمعه! و غاب الشريط أسبوعا و المدرس يسألني عنه و أتعلل بأي شيء غير كاذب ! حتى أعاد لي الأخ الشريط و قد تم محو محتواه ! فثرتُ من أجل الأمانة التي خانها من استأمنته و ورطني ! فأجابني ببرود أن هذا حدث خطأ ! و فسدت علاقتي بالطبع مع مدرس الإذاعة بسبب تحطيم جوهرته الأثيرة ! شريط شيخه الراحل الذي يحبه !


و العجيب أنني حينها لم أربط بين ما قصه «أحمد ق. ص.» و بين حادثة محو الشريط الخاص بأبيه ! دوامة من التأويلات و التعليلات و كأنها السحر يسحبك فيها الدجّالون و يقودونك حيث شاؤوا ! و هم عصابة واحدة تعمل كأذرع أخطبوط له عقل واحد فقط ! 
لكنني اليوم أفهم يا أحمد ! بعد 15 سنة ! و عندي نسخة من كتابك أنت أيضا ! الذي سرقه أحد المشايخ و زاد عليه و نشره باسمه ! و أعتذر أيضًا أنني لم أصدقك حين قلتَ لي بعد ذلك بسنوات «لقد طلبوا مني أن أتحمل قضية نيابة عن المشايخ فرفضتُ.. قضية صاغها الأمن عقوبة لهم لخروجهم قليلا عن الإطار الذي رسمه لهم» أرادوك كبش فداء لبعض أحلامهم خارج الصندوق ! لكنك حر مهما شوَّهوك و مهما أصابك يا صديقي القديم الدائم !


صيف و شتاء 1998 ..


كان رفيقي في درس الخميس للمقدِّم صديقٌ هو أحد طلبة الكلية الفنية العسكرية ! و كان يشجعني على دخولها –كنت بعدُ حينذاك في الثانوية- ! و كنا نقابل هناك آخرين طلبة من الدفاع الجوي و غيرها ! دون خوف من المتابعة الأمنية ! 


و استمرت الأحداث متشابهة ! شباب واعد من الشباب السلفي ؛ يصعد به عملُه و نشاطُه فيتصل بالكبار ! ثم يثور فجأة دون أسباب واضحة ! فيتم نفيهم و تشويههم ! ثم استبدالهم ! و أنا ضمن قطيع أستشعر الغربة خارج السرب ! فأعود لأقنع نفسي بأن نار إخواني خير من جنة غيرهم ! صحيح أنني مكثتُ فترة خارج الإسكندرية بحكم الدراسة و العمل .. إلا أنني أبقيتُ على مهامي الدعوية فترة ، ثم لما انقطعتُ عنها حافظتُ على روابط العلاقات الهامة داخل الدعوة ! بل عملتُ لهم رسولا أصل علاقاتهم بالمشايخ الآخرين ، و أصنع مجموعات شبابية تنتمي إليهم حيثُ كنت ؛ فعلتُ ذلك لفترة لا بأس بها قبل أن أعود إلى الإسكندرية .. عدت في 2007 .. ثم سافرتُ و عدتُ في ذات السنة .. و بقيتُ على جنبات القطيع .. أترددُ فيهم و لا أقطع ! و لكن تنمو استقلاليتي شيئا فشيئا ! و إن صرتُ أقرب إلى المشايخ و الصف الثالث و الثاني أكثر !


و كانت تظاهرات كاميليا علامة فارقة للإفاقة و من بعدها دماء سيد بلال تقبّله الله ! ثم قامت الثورة بأحداثها و في رأسي صداعٌ و شكٌّ عمره سنوات ! شك في هؤلاء الملتحين ! أهم أهل ديانة أم خيانة ! و لكن الثقة بالمنهج بحمد الله كما هي .. بل تزداد قوة مع تقلبات الحياة و خبراتها و ضربات نوائبها !


حتى دعاني أحد أعضاء مجلس إدارة الدعوة ؛ في فبراير 2011 للمشاركة بأفكاري في هيكلة الدعوة السلفية كجماعة ! و انغرستُ على إثر ذلك في مشاريع ليست كثيرة ! لكن كان من أهمها تنظيم مليونة قندهار الأولى ! و هنا نقطة الفصل التي تكفيني في اليقين بأن ما فيه هؤلاء الناس هو خيانة لا ديانة !


فبراير 2011 ..


بدأت المخابرات الحربية ؛ بل بدأ السيسي تحديدًَا سلسلة من اللقاءات غير السرية مع كبار مشايخ مصر و مفكريها الإسلاميين -كما صرح بذلك الحويني و العوَّا فيما بعد في صيف 2013 بعد انقلاب 3 يوليو- و لكن المقدِّم كعادته في الحفاظ على نفسه من الاحتراق تأخَّر إلى الظل و فضّل التعامل مع الأعضاء القُدامى في المجلس العسكري ؛ بينما اختار برهامي ليمثِّل الدعوة السلفية في تلك الجلسات ! و التي تطورت لجلسات خاصة بين برهامي و السيسي كانا يُفطران فيها سويا عند أذان المغرب في مكتب السيسي –يا واد يا مؤمن !- كما حكى برهامي لخواصه بعد ذلك أيام كان يروج عليهم انتخاب الفريق شفيق !


يوليو 2011 ..


كنت عائدًا من القاهرة إلى الإسكندرية ضمن وفد الدعوة السلفية في الاجتماعات التنسيقية لمليونية 29/7/2011 و قابلنا في القاهرة د. عماد الغفور و تعشَّينا مع من كانوا معه –بصولنا بقه في السي فود اللي بأموال المسلمين ؛ أستغفر الله و أتوب إليه!- بينما نام عبد الغفور في سيارتنا من الإرهاق ، ثم في الطريق عائدين بعد العشاء و حين استيقظ ؛ جعل يحكي لنا ما دار خلال اليوم .. و كيف أن المقدِّم اصطحبه للتعرف على السلمي و الببلاوي نائبَي رئيس الوزراء عصام شرف آنذاك ! و كيف أنه اشتكى للبلاوي من تأخير تصريح جريدة النور ؛ فالتفت الببلاوي إلى المقدِّم قائلا في مودّة : «ابقى حضرتك خليه يكتبلي الطلب و أنا أوقعه مباشرة» -و قد كان ! و حصل عبد الغفور على تصريح جريدة النور بعد ذلك بأيام !- و هذا سبب صدور جريدة النور قبل جريدة الفتح- و حكى كيف أن المقدِّم كان يقدِّمه لكبار القوم بصفته من سيتعامل معهم من طرف الدعوة و باسم حزب النور بعد ذلك !


ومن خلف الستار أيضا كان المقدِّم هو من يتحكم في هتافات منصة الدعوة السلفية في المليونية –و كان برهامي في عمرة - و كان المقدم يمنع و يُجيز ، و كانت كل الهتافات مكتوبة و معتمدة مسبقا منه ! و قد رفض المقدم هتاف «الشعب يريد تطبيق شرع الله» ؛ و لم يكن وحده الذي رفض ! بل الجميع بمن فيهم شيوخ الجماعة الإسلامية و رجالات الإخوان ، و لكن هذا الهتاف كان أقوى مني و صعد من الجموع أسفل المنصة فتبنيته ! و قال لي الشيخ سعيد «ماذا لو لم يُرد الشعب تطبيق شرع الله؟» فأجبته بعد تفكير سريع «نطبقه برضو يا شيخنا» فتبسم و أجاز الهتاف ! و غير ذلك من الهتافات غير المعتمدة كنا ندرسها على شروط المقدِّم و هي واضحة في المحذوفات و التعديلات التالية :


أصل الهتاف : «و كمان مباديء حاكمة .. لسا العصابة حاكمة» و نقصد بالعصابة «الفلول» ! فعدلها بنفسه إلى «و كمان مباديء حاكمة .. كده تبقى النخبة حاكمة» .. فحول وصف العصابة إلى النخبة بدلا من «الفلول» !


و ألغى هتاف : «راحت برتيته جابو التانية .. كده عايزة ثورة تانية» و هذا الهتاف ضد «البرتيتة» ! أي الحزب الوطني و حاشية مبارك ! و قد صانهم المقدِّم عن الهتاف ضدهم في مليونية الإسلاميين الأولى ! و خدّر وجداننا من زراعة فكرة تجديد الثورة ! حتى ثارت علينا الثورة المضادة في 3 يوليو و دعوته و حزبه الذي صنع من ضمن من ثاروا الثورة المضادة !
و ألغى هتاف : «فوق الدستور منصان .. تحت الدستور متهان .. و دي ثورة مضادة تبان .. أومال الاستفتا ليه؟» و هو ينص على أن الوزراء الذين قد وضعوا المباديء الحاكمة للدستور –و هم أصدقاؤه كما بينت- هم ضمن «الثورة المضادة» ! تصور أن المقدِّم هو من وأد ذكر مصطلح «الثورة المضادة» في مليونية الإسلاميين الأولى !


و ألغى هتاف : «هاتو حسني مـ السرير .. حاكموه هناهو في التحرير .. ليه كل ده كل ده تأخير .. شكل فضايحو كتير !» و هذا الهتاف يضر بالمجلس العسكري الحاكم وقتها و أن محاكمة مبارك ستفضحه بالتبعية ! و المقدِّم يفضل اللعب على رقعة الأعضاء الكبار في المجلس العسكري و هم أيضا لا يزالون يحكمون من خلف الستار إلى الآن ؛ مع هامش صراع بينهم و بين السيسي كما أن هناك هامش صراع بين المقدِّم و برهامي لكنهم كلهم في النهاية و في الحقيقة واحدٌ علينا !..


و المقدم لم ينس أن يبين لطاقمنا الخاص ذلك السبب الحقيقي الذي قامت من أجله المليونية حين قال «المجلس العسكري قال لنا اعملوا ضغط شعبي و احنا نستجيب لكم» يقصد من أجل فتح باب الانتخابات ! بمعنى أن كل المليونية التي سيق لها الإسلاميون من ربوع مصر لم تكن لتثبيت الهوية و لا ضد المباديء الحاكمة للدستور –تماما كما أن مشاركتهم في لجنة الخمسين الآن ليست من أجل حفظ الهوية عبر إبقاء المادة 219!- بل كانت المليونية لإقناع المجلس العسكري بالقوة الشعبية للإخوان و السلفيين و الجماعة الإسلامية ليفتح لهم باب الانتخابات و يبدأ توزيع الكراسي على الإسلاميين –كواجهة مدنية بنكهة إسلامية للحكم العسكري- و ذلك بعد فشل حشود العالمانيين في أكثر من محاولة سابقة لذلك التاريخ! 


و ألغى المقدِّم هتاف : «مصر يامه يا بهية .. طهري وزارة الداخلية» و هو ضد أوليائهم الأمن ! الذين لو فُتحت ملفاتهم و ملفات رجالاتهم المزروعين داخل الجماعات و المؤسسات ستتوالي الفضائح و تنتثر اللِّحَى الزائفة أدراج الرياح –و قد حرص أتباع الدعوة السلفية على حفظ ملفات أمن الدولة و إعادتها للضباط بعد الاقتحامات المتتالية التي عمَّت طول البلاد و عرضها ، و حرصوا كذلك على تهريب الضباط أنفسهم و حمايتهم من بطش المتظاهرين رغم أن قوات الجيش نفسها آنذاك كانت تترك الضباط في أيدي المتظاهرين- ! و من جديد كان المقدِّم هو من وأد المطالبة بتطهير وزارة الداخلية في تلك المليونية الإسلامية الخالصة ! ثم قام برهامي من بعده بوأد ملف «الهولوكست السلفي» أو محاكمة الضباط بسبب تعذيب الإخوة ، و دفن برهامي سبعين ملفا كانت قد تمت صياغتهم لهذا الغرض و كانت في يد -إبراهيم أباظة- وأدها كلها بطلب خاص –في اتصال تليفوني!- من ضابط أمن الدولة الذي كان يتعاون معه سنين طويله في عصر مبارك!


و قام المقدِّم كذلك بتعديل هتاف «القصاص القصاص .. دم بدم رصاص برصاص» إلى «القصاص القصاص .. دم بدم حق الثوار» لكنني قلته كما هو في أصله لثقله على لساني !


من فضلك أخي القاريء لا تستهن بالفقرات الخاصة بإعادة صياغة المقدِّم للهتافات ! لأن الإعلام هو الذي يصنع وعي الجماهير و هو الذي يتحكم في وجدانهم و يقودهم ! و قد سألني الشباب ليلة المليونية عن نيتنا فقلت «نحن نازلون نفتح الباب للإسلام .. ثم نضع الأمانة في يد المشايخ .. و لا ندري ما يفعلون بها .. و نرجو أن يُحسِنوا و نظن بهم الخير».. لكننا في الحقيقة قد تمت برمجتنا لفتح الباب للإسلام بينما هم كانوا يوسِّعون الكراسي لأنفسهم ! و منهم من كان يوسع المساحة لنفسه خلف الستار و يصنع مزيدًا من الدُّمى كالمقدِّم !


نوفمبر 2011 ..


قاد برهامي جلسة مع مسؤولي المحافظات بمسجد الفتح الإسلامي يطمئن فيها على سير عملية اختيار القوائم الانتخابية ! و لم يكن أبرز أحداثها تفاخر الشيخ محمد الشاذلي مسؤول الإسماعيلية بأنه أول من أنجز قوائم محافظته و أن مسؤول الحزب يعمل بتبعية تامة تحت يد مسؤول الدعوة –خلاف سائر المحافظات التي اشتكى مسؤولوها من استئساد مسؤولي الحزب ؛ كان ذلك قبل أن يجعلوا مسؤول المحافظة هو مسؤول الحزب و يولوا رئاسة الحزب ذاته لمسؤول محافظة البحيرة «يونس مخيون»!- و لكن كان أبرز الأحداث حقًّا هو عراك مرشح دائرة مينا البصل في الإسكندرية مع شركائه على حصيرة الطعام حول نصيب الأسد من الدجاج المشوي !


المهم أنه في هذا اللقاء قال برهامي مبتسما راضيًّا أن الانتخابات سيكون فيها قدرٌ من التزوير ، و أنه سيكون لقيادات الدعوة كلامٌ خاص فيما بينهم لا يخرج للعامة و لا حتى لأبناء الدعوة ! بينما سيكون لهم خطاب آخر مخالف يخرج في الإعلام ! اختصارا : سيكون لهم وجهان !
و في هذا الشهر بدأ برهامي يتخذ قرارات بنفسه دون الرجوع لمجلس الأمناء و لا مجلس الإدارة –و هو صوري بالأساس- !


مارس-مايو 2012 ..


الموج يعلو على برهامي لأطماعه في الانفراد بالتحكم في الدعوة و عدم طاعته للمقدِّم ؛ فيلعب المقدِّم لعبته المفضلة في الشطرنج و يلوم برهامي في إحدى الجلسات قائلا «انتا كل مرة بتتفاوض مع الأمن ، الأمن بياخد اللي هوا عاوزه و بتطلع انتا فاضي» فطأطأ برهامي رأسه خجلاً !


لم ينكر المقدِّم التفاوض مع الأمن تحت الترابيزة و دون شفافية مع الناس ! و لكنه أنكر على برهامي أنه مفاوض سيِّء لا يُجيد استخلاص المكاسِب رغم تنازلاته المخزية !
و أعلن المقدم بعدها بأيام رغبته في تصعيد واجهة جديدة يحرِّك من خلالها الدعوة و قال نصا «اختاروا رجلا و سأكون في ظهره لمدة ستة أشهر كأنني هو ؛ ثم أنصحه و أوجهه من بعيد» !
و لكنه في ذات الأثناء بدأ موافقة الشيخ سعيد في اعتراضاته و ضيَّق به الخناق على برهامي في اجتماعات مجلِسَيْ الأمناء و الإدارة –و الآن لا تسمع لدعمه له حسًّا!- ثم استكمل ما كان بدأه بهدوء في أغسطس و سبتمبر 2011 من تصعيد رجال بعينهم من درجة إلى درجة أعلى ! منهم مجموعة من الشباب من الصف الثالث داخل الدعوة ليكونوا مشايخ المستقبل و واجهات جديدة يحركها داخل الدعوة و كذلك بدأ تصعيد غيرهم مستقلين يدينون له بالولاء من خارجها ! و ربط الفريقين في مجموعات صداقة لطيفة كانت دائمة الاجتماع على مآدب الغذاء في الإسكندرية و غيرها لفترة طويلة ! -حتى صارت مواقف الدعوة صعبة الاحتمال على كثير من المستقلين فنفروا!- و كان يشتري ولاء المستقلين بأثمان مختلفة ! منها أن يقدم بعضهم مكانه في الدرس تأليفا لقلبه و اعتمادا له كشيخ ، و منها أن يمنح زوجات بعضهم ذات الإجازات التي يمنحها لهم رغم عدم قراءتها على يده و لا حتى عبر الهاتف ! ليصنع أسطورة «بيت الشيخ» من الهواء بإجازات مزيفة تتيح لهم التدريس و تؤهلهم له شكليا فقط ! و منها منح التزكيات لهم لينتفعوا بها في جامعات الخليج و مراكزه البحثية و عند مختلف الشيوخ و الناشرين ! – و سأعرض عن تفاصيل الفئتين: الصف الثالث و المستقلين ؛ حتى حين- ..
في هذه الأثناء كتب المقدِّم بصفته طبيبا نفسيا –في الحقيقة تخصصه نفسية أطفال!- كتب تقريرا نفسيا عن حازم أبو إسماعيل نص فيه على أنه لا يصلُح للرئاسة و أنه صدامي و غير ذلك من الصفات ! و كان هذا التقرير هو فيصل إقناع جميع شيوخ الدعوة بعدم دعم حازم حتى لو كان بعضهم يميل إليه قلبيا و يتخذ موقفا مخالفا!


و كذلك تواطأ مع المشير طنطاوي في بث شائعة بين الشيوخ مفادها أن طنطاوي أراه باسبور والدة حازم الأمريكي ! و واجه هو و برهامي حازم بتلك المعلومة الطنطاوية ! في اجتماعه مع شيوخ الدعوة السلفية في الإسكندرية فانقهر حازم الرجل متسائلا ! «و من عندكم هو الثقة لتصدقوه أنا أم المشير؟» 


و بعد صراع كصراع المخابرات العامة مع الحربية الدائر على الساحة الآن ! كان برهامي كان قد اقترب زيادة عن اللازم من السيسي ! حتى صار يخرج أثناء الاجتماعات الحامية لمجلس إدارة الدعوة ليرد على اتصالاته أو لينقل له خبرا هاما كتلك التي يأتيه بها جلال مرة ليبلغها إلى السيسي عبر هاتف برهامي –حصل اتصال تليفوني : أسلوب حياة - ! و صار السيسي هو الموجه الفعلي للدعوة عبر برهامي بدلا من المقدِّم ! حتى أمر السيسي برهامي باختيار أبو الفتوح بعد أن كان برهامي يسبه علانية ! بينما كان رأي المقدِّم هو اختيار مرسي و كذلك كان رأي عبد العظيم و حطيبة -و قد نقلت شهادةً في تلك المسألة عند حديثي عن كواليس انتخابات الرئاسة- . 


و حين أتى عبد الرحمن عبد الخالق كان المقدِّم في استقباله و كان يرجو أن يكون هذا دعمًا قويًّا لموقفه في السيطرة على الدعوة و بقاء قيادته من خلف ستار ! لكن برهامي خالف عبد الخالق في شأن حازم علانية ! و بعد ذلك خالفه و خان مرسي حتى قال عبد الخالق في مقاله الشهير «تلك السلفية التي جعلتموها رداءً ارتديتموه لتخدعوا به الناس» -أو كما قال- ! و مضى المقدِّم يتأخَّر مزيدًا و يفقد السيطرة و عروسته الخشبية «برهامي» تمنح زمامها للسيسي شيئا فشيئا بعد أن كان زمام الدعوة طوال سنة الثورة الأولى في يد الفريق الأقدم داخل المجلس العسكري عبر خيوط المقدِّم السحرية !


و الذي فيه المقدم الآن ليس اعتزالا للفتنة ! فمعتزل الفتنة يعتزل الفريقين كليهما ! بل لا يحضر مع الناس جمعة و لا جماعة ! و الرجل يدلي بدلوه إلا في الاعتراف بجرائمه و ما جنته يداه ! و بالطبع الفريقان فريق إسلام و فريق جاهلية و الصراع لاستئصال الإسلام ! حتى الإسلام الوسطي لو كان خالصا متأولاً بلا كبير تواطؤ !


و برهامي يتقدم في السيطرة على الدعوة و تحت يده حكومة الظل التي تهرس الصف الثالث الذي يسعى المقدِّم في تصعيده ! تهرسهم هرسا و تقصي منهم من لم يسر في ركابهم ! باختصار المقدم الآن هو محرك عرائس أصيب بباركنسون ! لكنه يموت محرك العرائس و صوابعه بتلعب !


و أقول للمقدِّم .. لعبة القيادة من الخلف لا تستمر كثيرًا ! و قد قيل في المثل «إمامي أمامي» ! و من يفوز بالإمامة حقة أو باطلة هو المتصدر للخير و الشر ! لا اللاعب بالخيوط من خلف ستار !


حب السلامة يُثني عزم صاحبه .. عن المعالي و يُغري المرء بالكسلِ


فعروسة الخشب التي تصنعها قد تدمي أصابعك و قد يملك خيوطها غيرك ! و كما قيل في المثل : سمِّن برهامك يأكلك !

ليست هناك تعليقات: